قضيت ايام العيد ، في مدينة دهوك ، هذه المدينة المحاطة بالجبال من ثلاث جهات ، ويمر بها نهران يرتبطان مع بعضهما في الناحية الجنوبية الغربية منها ، وهي تعدّ منطقةً حدوديةً عبر معبر “خابور” مع تركيا، وأخرى مع سوريا، ما كسبها أهميةً استراتيجية واقتصادية وسياحية ..ايام جميلة ، حيث الراحة والخدمات والنفوس الطيبة التي تلتقيك ، وتلتقيها بود وسرور ، وسط اجواء من المتعة ، والكرم .
وصلناها برا عن طريق الموصل ، من خلال شوارع عريضة ، ميسرة معظمها باتجاهين ، قليلة التعرجات ، غير ان الظروف شاءت ان نعود منها بعد قضاء مدة زيارتنا ، عن طريق اربيل كما رغبنا ، التي دخلناها عبر شوارع معبدة حديثة ، لكن بعد اجتيازنا المدينة ، ودخولنا حدود محافظة ديالى ، باتجاه العاصمة ، دب فينا الازعاج الذي سلب منا فرحة ايام العيد ، بسبب الاخاديد والتعرجات التي حفل بهما الشارع الحيوي والوحيد الذي يربط بغداد بالمحافظات الشمالية ، حيث لاحظنا مرارا ان مركبتنا اصبحت وجهًا لوجه مع شاحنات ضخمة، تركت مسار الذهاب المخصص لها بسبب تلف الشارع، وعدم صلاحيته للسير، وتحولت إلى مسار الرجوع ، ولا ينتهي المشهد إلا بانحراف أحد السائقين مع تخفيف السرعة قدر الإمكان لتجنب الاصطدام ، أو الانقلاب نتيجة النزول إلى الطريق الترابي، وهي لحظات حرجة عشناها اثناء العودة ، لكن نباهة سائق مركبتنا كانت حاضرة والحمد لله.
اعود الى ايام ” دهوك ” وروعتها ، فأقول انني لم اسمع ضجيجا وازعاجا طوال وجودنا ، وتلك في رأيي اهم المظاهر الراقية، فالحركة الفاعلة في الحياة والبناء، الى جانب نعمة الهدوء، احدى اهم مستلزمات الحياة في مدينة اتسعت فيها هندسة التناسق، ودقة التنظيم التي تتمثل في طرق حديثة، ضمتها شبكة من الانفاق والمجسرات ذوات الهندسة الرائعة، والانارة ولوحات الدلالة والارصفة.. باختصار حين يتجول المرء في ” دهوك ” كأنه يتجول في مدينة اوربية !
ان السياحة وسيلة ترفيه وتغيير من نفسية الإنسان، وكثير من النّاس ينصحون بالسفر من أجل البهجة ، فالإنسان حين يسافر يشعر بالتّشويق، فالسياحة تساهم في اكتشاف أماكن وثقافات جديدة، إضافة إلى المغامرات والمتعة ، وايضا لها دور معنوي في تعزيز الجانب الجيّد في نفسية الانسان. وكل عيد وانتم بخير.