ليتهم يعيدون دميتي..
مريم..زهرة بعمر الصبا ،تراءت لها الحياة بأنوارها وألوانها وعفويتها فتخيلتها دمية جميلة تفتتح بها صباحاتها وتختتم بها مساءاتها ،حالمة باحلام سعيدة تقرب لها البعيد وتجعلها أميرة بثوبٍ مخملي تحمل أطرافه الفراشات وتناغيها الأطيار إحتفاءًا بجمال ٍ ربانيّ حباها الله به لتكون الفتنة الفاتنة!ولكن يبدو إن حاملة هذا الأسم لابد أن تتمتع بقوة روحانية عالية وعزم وإصرار على النجاح باختبارات الحياة المفاجئة!مريم دخلت معهد الفنون راغبة بتحقيق حلمها المتواضع وهو دراسة الموسيقى،وكأي فتاة بعمر الصبا كانت محبة للحياة،طموحة،بل كثيرة الطموح،دأبت على الأهتمام بدراستها وهندامها الذي أضفى عليها مسحة أخرى من البهاء،فكانت مميزة ومتميزة قلباً وقالباً،كل من نظر إليها سحرته تلك الملامح الجميلة البريئة وذلك العنفوان العفوي للصبية العذراء.في أحدى المساءات وبعد أن أكملت روتينها اليومي وأعدت ملابسها التي سترتديها ليوم غد،ألقت على والديها واخيها السلام وتمنت لهم أحلاما سعيدة كما دميتها التي أعتادت إحتضانها وغطت في نوم عميق آملة بأحلامٍ سعيدة..لكن للقدر شأن آخر!!فقد إستيقظت مريم من كابوس مرعب وكأن ححم الجحيم صُبّت عليها،عندما اقتحم أحدهم غرفتها ورشّها بوابل من حمم الحقد والضغينة والاجرام مع سبق الاصرار والترصد، متجاوزا كل حدود الانسانية والرحمة،كافرا بكل معاني الحياة!كان ذلك شخص تسلل الاجرام الى قلبه أو إنه قد مسخ فعلا لاقدامه على رش مادة “التيزاب” على وجه مريم عندما كانت نائمة مع دميتها ،مستغلا غياب الاهل ،مستترا بلثام الاجرام كمجرم محترف دونما أي رحمة لالشئ سوى إنها رفضت وأهلها الارتباط به لسبب أولآخر،مما دعاه الى إستخدام غريزته الحيوانية والتخلي عن كل آدميته مكشرا عن مخالب الجريمة التي تعكس تربيته وسلوكه الاجرامي، ليسلب جمالها وصباها بثوان قليلة،كما تليفونها الخاص ويولي هاربا دون أن يرف له جفن،تاركا إياه تحترق قطرةً قطرة ،وقد أخذ الألم منها مأخذه صارخة بكل ما أوتيت من قوة لاعنة كل خط للجريمة استباح أمانها وحياتها.نُقلت مريم الى المستشفى بين الحياة والموت وكانت نسبة نجاتها معادلة لنسبة وفاتها فالحروق شديدة للغاية وقد تأثرت عيناها بالمادة الكيميائية التي نهشت وجهها الغض ورأسها وشعرها الطويل ويداها التي كانت تعزف بها على أوتار الحياة.كل شئ بدا معتما بل غارقا في دياجير الظلام ،الاّ ضوء في آخر النفق وهو مشيئة الله جل وعلا على إنقاذها وإعادتها للحياة وإصرارها للعودة بعد صبر ومشقة إستغرقت ستة أشهر.عادت مريم بروحها وإصرارها على الحياة آملة إن يعيد جمالها الداخلي وإرادتها القوية الحياة شيئا فشيئا لجمالها الخارجي،بعد أن قررت القيام بسلسلة من العمليات لاعادة وجهها على ماكان عليه بمساعدة الخيّرين من ابناء الوطن ،وقد يستغرق الامر شهورا كثيرة وإرادة فولاذية وصبرا جميلا ودعاءا نقي السريرة من قلوبٍ محبة للخير تبتهل العطاء ثوباً رحيما، لتعود الصبية مريم لحياةٍ أحبتها وناضلت من أجلها.
لكن ومع كل المعاناة والألم والتعاطف الكبير من جميع الناس الذين عرفوا قصة مريم أو كما يُطلق عليها بالشارع العراقي”الاميرة مريم”،هناك سؤالا يطرح نفسه ،أين الجاني؟ومن هو؟وهل عوقب ام لا؟في الحقيقة كل الجرائم التي نشاهدها ونسمع عنها، فيها طرفان مجني عليه وجاني ،وقد عرفنا المجنى عليها تمام المعرفة لكننا لم نعرف الجاني ولم يتطرق احدا لاسمه ولم يعرض على الشاشة أو يعاقب ليكون عبرة لمن اعتبر،هذا التعتيم يترك الحبل على الغارب للقيام بالجريمة واستباحة حياة الانسان الذي خلقه الله باحسن تقويم ليحيا حياة هانئة وذلك الحق وهبه الله إياه،ولاتفاضل بين شخص وآخر الابالتقوى،فلم لم يقدم الجاني الى العدالة لحد الان ؟ وهل هناك من يعلو على العدالة ،فالحق يعلو ولا يعلى عليه.