تُقاس قيمة الانسان بمقدار ثقافته واسلوبه في التعاملات والتصرفات مع الاخرين ويتجلى ذلك في شخصيته واتزانها بالتعامل الحسَن سواءً داخل نطاق اسرته او خارجها.

وهنا تظهر لنا انواع متعددة من الشخصيات والتي تُصنف الى تصنيفات مختلفة وفقاً لسلوكياتها الداخلية والخارجية، فأما الخارجية فهي ظاهرية ممكن قياسها ورصدها ولا مشكلة في ذلك لسهولة تمييزها بين مستوياتها السلمية وصولاً للإجرامية في اعلى مستوياتها. والتي يتم التعامل معها وفقاً لذلك، وحتماً ان جميع السلوكيات الاجرامية في حقيقتها تمتاز بالسرية في التفكير ليظهره على شكل سلوك غامض يتم اكتشافه فيما بعد من قبل الجهات المختصة في وزارة الداخلية او الجهات الامنية الاخرى بواسطة التحقيق والتعقب او من خلال دراسة نوع الجريمة وطريقة ارتكابها والتي يتميز بها بعض الذين تخصصوا بهذه الاساليب وهو موضوع معروف لا نريد ان نخوض به.

ولكن ما يهمنا هنا السلوكيات الداخلية للأشخاص الذين يعيشون في صراعات نفسية خفية لا يمكن رصدها، فهناك من تتعدد في داخله اكثر من شخصية تتغير حسب المواقف والظروف المحيطة فقد تجده مسالماً متزناً ولكن سرعان ما يتحول الى عدوانياً لا يُتمن شره، وهذه الشخصيات تمتاز بالغموض وتتصرف بسرية وخفاء مما يصعب رصد تصرفاتها.

عالم جديد

وهنا دخلنا في عالم جديد من الاجرام النفسي الذي لا امان معه حتى على ذات الشخص، لذلك ظهرت لدينا حالات كثيرة من ايذاء النفس بدون مبرر او بمبررات يختلقها الشخص في عقله ليُبيح تصرفه الشاذ بحق نفسه، ومن ابرز هذه الحالات هي ظاهرة (الانتحــار) والتي شاعت بين فئة الشباب من كلا الجنسين والتي راح ضحيتها شباب في مقتبل اعمارهم. من المؤلم ان تسمع ان احدهم شنق نفسه ووجد معلقاً بحبل، او منهم من يرمي نفسه في النهر ليموت غرقاً او منهم من يحرق نفسه او من يقتل نفسه رمياً بالرصاص.

فقد تختلف الآراء هنا في المستوى الاجرامي للانتحار فالبعض لا يُعير اهمية للطريقة وفقاً للنتيجة النهائية، ولكن البعض يبحث عن الطريقة فسهولة الموت برصاصة بينما صعوبته في الحرق يجعل للطريقة اساس قوي في معيار الانحراف النفسي.

ولكن الوضع اليوم في منعطف اجرامي خطر جداً كونه تعدى الانتحار الفردي ليصل الى ابشع صوره ونتائجه، فكثيراً ما نسمع عن اب يقتل ابنائه وزوجته ليقتل نفسه بعدها او من يقتل والده او والدته ويقتل نفسه والتي وللأسف يتم التعامل معها بخبر عابر عبر احدى القنوات الفضائية لينتهي بذات اليوم لتأتي بعدها جريمة ابشع منها وبأي اسلوب اجرامي اخر وبنفس المرور السريع لخبر الجريمة.

وهنا نسأل هل تم بحث هذه الجرائم؟ اين دور المؤسسات البحثية النفسية المتخصصة في دراسة السلوكيات الخطرة والشاذة للخوض في اسبابها ومسبباتها ودوافعها، والتي لايمكن التغاضي عنها او نركنها للعوز والفقر فهناك العديد من العوائل تعيش تحت خط الفقر وفي ادنى مستوياته كذلك لا يمكن ان تُسند جميع هذه الحالات للمشاكل والخلافات العائلية.

اذاً هناك عوامل عديدة قد يكون اهما ضعف الواعز الديني وانعدام الثقافة وانهيار المنظومة الاسرية وتشتت الافكار واكتساب ثقافات الانحراف النفسي التي باتت تُهدد مستقبل بعض الشباب والذي يؤثر بشكل مباشر على الامن المجتمعي.

{ لــواء دكــــتور

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *