ليس اختياري أن يكون عنوان المقال بإسم السيد نوري المالكي والسيد مقتدى الصدرمن باب التقييم الشخصي لأي من الزعيمين فنحن في غنى عن ذلك ولكل منهما جمهوره الواسع في الشارع العراقي ومؤيديه وانصاره فضلا عن طبيعة المتلقي الذي قد يتحرك في اطار العقل الجمعي خصوصا وإن اغلب رموز العملية السياسية في العراق وقعت تحت تداعيات مآ آل اليه حال البلاد والعباد إثر إختلاط الصالح بالطالح بعد تفشي الفساد وفرعنة الفاسدين وسطوتهم على كل مفاصل الدولة . إنما هي إفرازات التسريبات الصوتية التي قام ببثها المدعو علي فاضل المنسوبة الى السيد نوري المالكي وما اعقبها من تصعيد إثر تغريدة السيد مقتدى الصدر التي طالب فيها عشائر بني مالك وبقية العشائر العراقية بالتبرئ من المالكي فيما اتسع غضب السيد مقتدى ليشمل حزب الدعوة الإسلامية بكل ما للحزب من تأريخ جهادي ضد البعث الهدام للحد الذي جعل عدد شهداء حزب الدعوة اكثر من أحياءه . سأحاول ان اكتب بتجرد من العواطف والمشاعر والهوى بصفة القارئ للمشهد بتّروي في ابرز حيثياته الباطن منها والظاهر. علينا ان نتوقف اولا الى آخر لقاء تلفزيوني ظهر به علي فاضل وهو يتوعد السيد المالكي بالويل والثبور خلال ما سيتم تسريبه لاحقا ويتحدث من باب الثقة والتفاخر ان تسريباته ستشعل االساحة بين التيار الصدري والمالكي بما يتمناه هو ومن دفعه لهذا الفعل وهذا ما يؤكد خبث النوايا من خبث القصد والوسيلة . مما لاشك فيه إن العلاقة بين التيار الصدري وحزب الدعوة الأسلامية مرت بموجات من المد والجزر والشد والجذب منذ إستلام السيد نوري المالكي لرئاسة الوزراء في العام 2006 رغم ان التحالف الوطني الشيعي كان يجمعهم ضمن إئتلاف واحد الا اني ارى من وجهة نظري الشخصية ان السبب الأول في ذلك هو تبني السيد المالكي لمهمة ارجاع سطوة الدولة وهيبتها في الحياة العامة ومؤسسات الدولة فيما تعارض ذلك مع مصالح بعض العناصر التي اندست وتوغلت في صفوف (جيش المهدي) لمصالح اقتصادية غير مشروعة وهو ما دعا السيد مقتدى الى اعلان البراءة فيما بعد من الكثير ومنهم ومن تفسيقهم . وإذا ما عدنا قبل ذلك فإن اولى حالات التقاطع والتنافر مع التيار الصدري كانت مع حركة الوفاق للدكتور اياد علاوي حيث وصل التصادم بينهم إثر استلامه رئاسة الوزراء الى أحداث دامية في محافظة النجف الأشرف ومحاصرة جيش المهدي بمعية السيد مقتدى من قبل قوات الإحتلال الأمريكي في صحن أمير المؤمنين عليه السلام فكان قطع سماحة السيد السيستاني لرحلة علاجه خارج العراق وعودته سببا لإنهائها ولله الحمد حيث كان التيار في مقدمة فصائل المقاومة العراقية التي تواجه قوات الإحتلال الأمريكي . أما الصدام الأول مع السيد المالكي فقد كان بعد تسلّمه رئاسة الحكومة العراقية إثر فوزهم بالإنتخابات البرلمانية وما قام به في عمليات فرض القانون ووأد الفتنة الطائفية التي يؤججها أزلام البعث المقبور وتنظيم الفاعدة الإرهابي فيما جاءت عمليات صولة الفرسان للجيش العراقي في محافظة البصرة تلبية لإستنجاد الحكومة المحلية من سطوة بعض المحسوبين على التيار وفصائل شيعية اخرى على مقدرات المحافظة الإقتصادية . لا نأتي بجديد إذا ما قلنا إن دور ازلام البعث الصدامي كان قويا وحاضرا في كل ما يحصل في الشارع العراقي من خراب ودمار وفتنة وتحريض ومؤامرات وبدعم وتنسيق مباشر بين ابناء الرفيقات في العراق وعائلة المقبور صدام في عمان ودوائر المخابرات الخليجية والعربية . لقد استغل اعداء التغيير في العراق تلك الأوضاع لإختراق البيت الشيعي وزاد سعير الفتنة والتأجيج إثر احالة قيادين كبار في الحزب الإسلامي العراقي مثل نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ورئيس حركة حماس العراق وزير المالية رافع العيساوي والبقية الطالحة من دون سرد الأسماء والمسميات . لقد اختفت حينها وحدة خطاب البيت الشيعي وصرنا نسمع بين الفينة والأخرى تصريحات من زعماء شيعة اسلاميين تناصر المتطرفين من ساسة السنة في منصات التحريض على حكومة المالكي والجيش العراقي . وتعززت حالة إنشقاق الموقف السياسي الشيعي إثر تقوية بعض اطرافه علاقاتها السياسية والإقتصادية الخاصة بدول عربية خليجية كان لها دور كبير في العمليات الإرهابية في الشارع العراقي . لقد وجد السيد المالكي نفسه محاطا بجو عدائي من شركائه في العملية السياسية ابتداءا من الأكراد البره زانيين ومرورا بدواعش الساسة السنة وانتهاء بالطابور الخامس من ازلام البعث الهدام الذين ثارت ثائرتهم وهاج جنونهم وحقدهم على السيد نوري المالكي إثر توقيعه على قرار المحكمة الجنائية الخاصة بإعدام الطاغية صدام فكان ذلك الإمضاء التأريخي الشجاع للسيد المالكي بعد ان رفضه المرحوم مام جلال بحجة انتمائه للإشتراكية الدولية التي تحرّم قرار الإعدام فكان التوقيع بمثابة صرخة ثأر وإنصاف حق وميزان عدل لكل شهداء العراق الذي راحو على منحر الحرية والدين والوطن وفي المقدمة منهم شهداء ال الصدر وشهداء ال الحكيم والمراجع والمقابر الجماعية والأسلحة الكيمياوية ولو كان ذلك التوقيع التاريخي وحده للمالكي لكفى منجزا عظيما من دون ذكر ما قام من اكبر مشروع استثماري سكني في بسماية وكذلك مشروع عشرة في عشرة لأحياء وتطوير مدينة الصدر ونجاحه في اعادة الأمن للحياة العراقية فضلا عن ما قدمه من مشاريع تأريخية مثل مشروع قانون البنى التحتية الذي رفضته بعض الجهات الشيعية والذي لو اتم اقراره لكان العراق في غير حال نموا وتطور فضلا عن استقرار هيبة الدولة . تماما كما هي مواجهة قوات الإحتلال الأمريكي من قبل ابناء التيار الصدري لعدة سنين وما قدمه من شهداء في تلك المقاومة الباسلة تكفيه فخرا واعتزاز . اليوم نجد انفسنا ملزمين بقراءة الرسالة في كل سطورها ونقرأ ما بين السطور ونحن نتابع نشرات التغطية لردود الفعل العراقية على العدوان التركي لبعض القنوات القومجية العروبية وهي تنقل مشهد انزال العلم التركي واحراقه من قبل جماهير التيار الصدري الغاضبة ولكن تحت تعليق واحد يؤطر العداء الشيعي لأهل السنة ولكل العرب فيما اكدت احدى القنوات المصرية التي نقلت خبر استهداف طائرات مسيرة لقواعد تركية في شمال العراق على إنه عداء الشيعة في النجف وكربلاء وطهران ولبنان والبحرين للعباسين لإنهم سنة وللأمويين لأنهم سنة وللأتراك لأنهم سنة ولأوردغان لإنه سني . ما نسمعه وسمعناه من بعض مشايخ القبائل في المناطق الغربية في الوقوف الى جانب السيد مقتدى ضد السيد المالكي نابع من حقد طائفي مقيت وهو ذاته النفس الحاقد المتصيد في المياه العكرة الذي لايهمه العراق ولا شعب العراق ولا شيعة العراق ولا سنّة العراق . علينا ان لا نهوي في مستقنع الضياع كما هوت دولة الكوفة بعد الثأر لمصيبة الحسين عليه السلام حيث اخترقوا الزبيروين جيشها بخديعة التبعية فقطّعت الرؤوس وذّلت الرقاب وسالت انهار الدماء . أخيرا وليس آخرا نقول وللحق نقول ان بيوت الشيعة زاخرة بالإيمان والشجاعة بإرث حسيني خالد كما هي بيوت كل العراقيين الشرفاء واقوى بيتين من بيوت السياسة فيه الآن هم بيتا السيد المالكي والسيد الصدر فما أجمل ان تصفوا النوايا وتطيب السرائر ونشد العزم ونقلب صفحة جديدة نتوكل فيها على الله أحبة من اجل العراق ولا شيء غيرالعراق . .