— ١ —

كل عاصفة موسم فكرية ، تخرج لنا موضة ، وتطل علينا تقليعة غربية ، وتعلب وتتقولب على شكل نظرية ، محاولة منها التحرش والنيل بمقالعها ومخالبها وأنيابها ومعاولها الهشة الهاوية الضعيفة جذور وأساسات وثوابت وأساسيات وحقائق دين الإسلام …. ولكنها لا تنال ، ولا تحقق ، إلا الخيبة في كل آمالها ( وآمالهم هم عملاء آيدلوجيات إفراز الذهن البشري القاصر المحدود المطموس ، والفكر والتفكير الغربي والشرقي الذي يحارب الإسلام ) ، لأن الحق لما يحصحص ويظهر ويبلج ويشرق وينور ، فأن الباطل لا بد له من أن يدمغ ، ويزهق ، ويقبر ، بعد أن يولي فارآ مذمومآ مدحورآ ، ويذهب خواءآ خائفآ مرتعشآ مهزومآ …..

ومن موضاتهم الفكرية الأخيرة ، وتقليعاتهم الآيدلوجية المعاصرة التي تتداول في الساحة الفكرية ، وما تتطلبه من إحتدام مناقشة وجدل وسفسطة ، هي مسألة تعدد القراءات ، وأنهم يسوقونها على أساس أنها نظرية علمية جديدة حديثة ، تتعامل مع النص بكل حرية وإنفتاح ذهني وتفكير عقل علمي ، لما هو إمكانية تفسير النص ، وهم الزاعمون والمدعون أنه ليس هناك من ثبات واقع ، وكمال حقيقة ، يتوصل اليها من خلال تفسير النص ، لأن النص حمال أوجه تفسيرية متعددة مختلفة متنوعة ، ويمكن لهذه الأوجه أن تتوافق وتتلاقى ، ويمكن لها أن تتقابل وتختلف وتتقابل وتتناقض ، وأنها كلها بتوافقها وتناقضها ، هي صحيحة ومقبولة ، ولا يمكن نكرانها ، أو أي واحدة منها ، أو إلغاءها . وأن الإنسان مخير ، وله الحرية الكاملة ، في أن يتبنى ما يريد من تفسير ، وما يختار ، وما يؤمن بما هو الأقرب الى عقله وذهنه وتفكيره وقلبه ، والمنسجم مع ما يهدف اليه ، وأن الذي يتغياه من بذل الجهد هو لتحقيق وتأكيد الموج التغييري الفاعل والمؤثر لما يسعى اليه من أجندة خبيثة عميلة تحارب دين الإسلام في كل جزء من أجزاء مخططه العام ، وفي كل لبنة من لبنات هيكله العام ……

ي والله هذه هي النظرية الغربية الجديدة بكل أبعادها المخطط اليها ، لتكون المعول الهادم واللاغي والناسف لكل ما هو إسلام ( بما هي عليه من علات وأوهان ، وتناقضات وتهافتات ، وصحيح وإشتباهات ، وشبهات وسفسطات ) التي عنها يتحدثون ، وبها يفخرون ويتفاخرون ويحتجون ويناقشون ويتهوبزون ….. وما دروا ، أنهم بالتناقض يؤمنون ، وعلى أساسه يفكرون ، ويتصرفون ، ويستنتجون …..

فلنبحث هذه النظرية * العلمية * الموضة الغربية للآيدلوجية البشرية الذهنية ، والتقليعة الفكرية الملعونة المشبوهة ، التي تتحدى النص بما تسلط عليه من معاول هدم ، ومطارق بناء ، من أجل تحقيق سعة تعدد أفهام مختلفة متنوعة غاشة خادعة ، شيطانية ملتوية ، على أساس أن هذا لما هو عليه النص ، عندما يفكك النص تجزئة أفكارآ وتفكيرآ ، وتحليلآ معالجآ وإستنتاجات …. بكل هدوء وصبر ووعي ، ليتسنى لنا معرفة حقيقة هذه النظرية ، وما تهدف اليه من غايات …… فكونوا معي أحبائي الأعزاء القراء في هذا السفر الفكري الممتع مشكورين ……. ولنبدأ بالتعاريف ، لأنها المفتاح الذي يبرز المصطلح على ما هو عليه من معنى وأبعاد ، وأهداف وغايات …. وأنها ضرورية ، وينبغي التركيز على فهمها وإدراكها وحفظها وعدم نسيانها ، والتأكيد على ما تنشده من أهداف وغايات …..

الذي يقصد بالقراءة هو التفسير ، وهو الهرمنوتيك ، وهو البلوراليسم ….. ، ولنتوفر على توضيح هذه المصطلحات :—

التفسير ( Interpretation ) معروف ومعلوم ، وهو أنك تقرأ نصآ ما مكتوبآ ، وتحاول أن تفهم معاني كلماته وألفاظه ، وتعي الإرتباط بين هذه الكلمات ، لتستنتج ( تخرج ب ) فكرة مجملة عن معنى النص بتمامه وكماله ، وتقول معبرآ بكلماتك أن هذا هو فهمي للنص ……

والهرمنوتيك ( HermenutIc ) كلمة يونانية تعني التفسير . وأن لهذا التفسير أشكالآ متعددة ، كتفسير الكلام ، وتفسير الخط ، والإسلوب ، وما شابه …. وبعد تداول هذا المصطلح بأشكال مختلفة في علوم متعددة ، لما له من عدة معان وأقسام ، بحيث أخذ كل واحد بدوره بتعريف يشير الى رؤية خاصة تنسجم مع أهداف ووظائف هذا العلم ، أو القسم أو الحقل أو التخصص من المعرفة ….

والبلوراليسم ( Pluralism ) معناه اللغوي هو الجمع والكثير ، وكمصطلح معرفي فإنه يعني القبول بالتعدد والكثرة ….. وهذا المصطلح مأخوذ من الثقافة الغربية ، وأول ما إستخدم هذا المصطلح هو في عادات وتقاليد الكنيسة ، وكان يطلق على الشخص الذي يكون ويتمتع بأكثر من منصب له في الكنيسة . وقد أنزل هذا المصطلح الى الساحة الفكرية والدينية الغربية ، ودشن على أساس أنه يعني القبول — دون تفريق — بكل العقائد والطرق المتعددة …….. ولذلك نحن نحذر ونقول أن كل الآفات والأمراض والأوبئة الفكرية والسلوكية ، ما جاءت لنا إلا من الكنيسة ، ومن فرض تعالميها وفكرها وأسلوب تفكيرها الدكتاتوري الذي عارض وناقض وإختلف مع الحقائق العلمية ، وحارب النهضة الفكرية التي قام بها الفلاسفة والمفكرون والمثقفون الغربيون ، والثورة العلمية التي بشر ببوادرها وطلائعها العلماء والمكتشفون والمبدعون والمبتكرون …… ولذلك أرجو من القاريء العزيز ، أن يركز على فهم ووعي ومتابعة التعاريف للمصطلحات التي ذكرناها ، لأن كل كلمة مقصودة وذات أهمية ، وسنتبينها في تطور بحثنا ……

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *