هوَ بالضرورة نظام انتقائي تقسيمي وارهابي، انتقائي من حيث انه سيقسم حتماً أفراد المجتمع الى موالٍ للنظام ومعادٍ له وما بينهما في منطقة رمادية. وإرهابي لِأن لا مستقبل لمعادي النظام الدكتاتوري سوى البطش والإرهاب والتنكيل والتقتيلِ والنفي.
.
كُل نظام ديني هوَ بالضرورة نظام طائفي ، لِماذا ؟ لِأن الطائفية سمة لازمة لِأيِ ظاهرة دينية سياسية كانت أم لا. وبهذا سيُقسم النظام السياسي الديني المجتمع الى طوائف وملل مرغوبة ومنبوذة ، قريبة من السلطة وبعيدة عنها، مؤمنة أم غير مؤمنة، مرضية العقائد عند دين الدولة
أم لا، ومصير الأخيرة هوَ التهميش والاقصاء والاضطهاد.
.
كبحت الحداثة الصاعدة في اوروبا منذ القرن السادس عشر هذين الشكلينِ من الحُكم من خلال ابتكاريها الأعظم، الديمقراطية والعلمانية ، فالأولى ضمنت تقسيماً للسلطة وتداولاً سلمياً لها وتعددية سياسية مشرعنة وصحية ، بتعبير آخر فالديمقراطية هيَ عملية حد لتغول السلطة بالسلطة نفسها. أما الثانية وهيَ العلمانية، فقد شرعنت وضمنت تعددية طائفية ودينية واثنية وقومية تحت لواء المواطنة وحدها، والسلطة العلمانية مجبرة على التعامل مع مواطن فقط ، دون أي تمييز قائم على خلفية ثقافية وعرقية ودينية.
هذا المدخل المقتضب سيكونُ مهماً لفهم الوضع السياسي العربي عامة والحالة العِراقية خاصة،