صُحفية أمريكية تسأل “الدكتاتور” صدام حسين عن سبب انتشار صوره في الشوارع وتقول له : ” اين ما دخلت رأيت صورك معلقة هل من تفسير ؟
صدام يجيب : انتم لا تفهمون ثقافة شعوبنا ، ثقافتنا تختلف عن ثقافة شعوبكم، هنا يقدرون ويحترمون القائد والزعيم ، وشعوبنا متعودة على وجود القائد الذي يلبي احتياجات الناس ، فمثلاً والكلام لصدام … المواطن هنا يطلب من الرئيس البيت و الوظيفة و العفو عن الجرائم، وهو يلبي ما يطلبون ، بينما رئيسكم لا يستطيع ذلك ، الامر الاخر الناس تحب الرئيس وانا لا استطيع ان امنعهم من الحب ،لذا ترين صوري منتشره في كل مكان !!!!!
نسي الرئيس ان يقول ان انتشار الصور هي عملية ” چفيان شر” مو محبه ، فكل من يريد ان يمرر خطأ او يستر على نفسه ويمشي اموره ، يعلق صورة الرئيس.
اما انه لا يستطيع منعهم فاعتقد كان صادقاً في قوله ، لان البلطجية كانوا يملؤون الشوارع .
غادر صدام الى دار الحق وبقيت روحه ترفرف .
و ما اشبه اليوم بالبارحة ، ففي عراق اليوم تنتشر صور زعيم سياسي في كل الساحات والمحال وعلى جدران البيوت وفي مداخل المدن وعلى زجاج السيارات واسمه يطرز لوحات المستشفيات والمدارس واسماء الشوارع، وفي كل زاوية، ولا ادري هل بدافع الحب ام بدافع تمرير الاخطاء .
فالمتجاوز يضع صوره والمغتصب لارض حكومية يضع صوره ، و البلطجي يضع صورته و المحب يضع صورته ، فاختلطت الامور ، وضاعت البوصله .
وبالتالي خلقت حالة انتشار الصور ردة فعل لدى الناس، فالكثير متذمر ولكنه بنفس الوقت لا يستطيع ان يعترض خوفاً .
ليس هناك اشكال ان توضع صور الزعيم في مقاره ومكاتبه او في بيوت اتباعه.
اما انها تكون حالة مفروضة في الشوارع والساحات العامة ، فهذا امر لا علاقة له بالحب ولا بتلبية الاحتياجات.
واعتقد بدلاً من المبالغ الكبيرة التي تنفق على طباعة ورسم الصور وبناء القواعد الحديدية لها وشغل عدد كبير من العمال والسيارات التي تدور لتوزعها ، لو انفقت هذه الاموال في مشاريع للفقراء او لعمل تمثال واحد كبير ذو قيمة فنية للزعيم كان افضل ، كل الصور الموضوعة في الساحات والشوارع مؤقته واموال تنفق هباءً لا فائدة منها سوى الرغبة في نفس يعقوب .
تكريس حب القائد ليس بكمية الصور المنتشره هنا وهناك ، و لا بعدد المستشفيات او المدارس او الجسور التي تحمل اسمه ، بل بما يقدم اتباعه للناس ، وبما يخدم اتباعه ومناصروه الفقراء .
مغادرة ثقافة الصور والانتقال الى ثقافة تقديم الخدمات خطوة في طريق الاصلاح .