تقديرا لما قام به المعلم وهو تربية الأبناء وتعليم الأجيال الذي يقوم عليها ارتقاء المجتمع برمته، قال أحمد شوقي (ت1932): قـم للمعلم وفـه التبجيـلا.. كـاد المعلم أن يكون رسولا التعريف الوارد في البيت للمعلم لم يأت جزافاً ولم يقوله أحمد شوقي اعتباطا، بل أمير الشعراء يعرف جيداً مكانة المعلم وموقعه في المجتمع،ويدرك جيداً تأثيرات المعلم في كل مفاصل المجتمع، ولذلك عرف المعلم تعريفا قاطعا ” كـاد المعلم أن يكون رسولا”، لا أحد يستطيع أن يصله مهما كان قوته في اللغة وعمقه في البلاغة والبديع.لايجادل اثنان في أن الفساد في أي قطاع من قطاعات الدولة عمل مشين يضر بالعباد والبلاد، لكن الفساد في قطاع التربية والتعليم يعد أشد مصيبة وأعمق ضررا، لسبب بسيط وهو التربية بمثابة الملح، ماذا نفعل لو أفسد الملح ؟اليوم، لا يخفى علينا جميعاً، وللأسف الشديد، أن الفساد مستشري في حياتنا حتى النخاع، وأن بلدنا يتصدر قائمة الدول الأكثر الفساداً في العالم، ولكن المصيبة تكون أعظما عندما كان المعلم “الذي كاد أن يكون رسولا” يصيب بالفساد في أداء مهنته المشرفة ورسالته العظيمة في مجتمعه الذي بأمس الحاجة الى إخلاصه وتفانه وفي هذه المرحلة على وجه خاص. حكى لي أحد أصدقائي أنه يضطر أن يرسل ابنه الى فلان الذي يدرس ابنه في المدرسة كي يأخذ دروس خصوصية منه بغية أن يفهم (ابنه) الدرس بصورة جيدة وعسى أن يكون ناجحا في الإمتحان! وبدوري سألت صديقي متعجباً: هل لا يكفي ما يأخذوه طلبتنا في مدارسهم لتفهيم ما يقرؤونه في الصف، يجبني فوراً: لا يا أخي، اليوم تغير الوضع، البعض من معلمونا يلوحون علناً أن في الصف لا مجال لتفهيم كل شيء وكما هو مطلوب، بل على الطالب أن يلجأ إلى دروس خصوصية خارج المدرسة وبأجر لابأس به لتغذية ما يـــقرأه في المدرسة!