‭ ‬من‭ ‬السذاجة‭ ‬الاعتقاد‭ ‬انّ‭ ‬تطورات‭ ‬الازمة‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬اعتصام‭ ‬المتظاهرين‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان‭ ‬العراقي‭ ‬هي‭ ‬المشهد‭ ‬الأخير‭ ‬للانتقال‭ ‬الى‭ ‬بداية‭ ‬جديدة‭ ‬يتطلع‭ ‬اليها‭ ‬ملايين‭ ‬العراقيين‭.‬

البلد‭ ‬في‭ ‬عقدة‭ ‬ناتئة‭ ‬مستعصية‭ ‬ومتعددة‭ ‬الرؤوس،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬حلها،‭ ‬بتفاهمات‭ ‬او‭ ‬توافقات‭ ‬ترضية‭ ‬سياسية‭ ‬كما‭ ‬درجت‭ ‬العادة‭ ‬في‭ ‬العقدين‭ ‬الأخيرين‭. ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬شهر‭ ‬عسل‭ ‬طويل‭ ‬جدا،‭ ‬متعرج‭ ‬الأيام‭ ‬والساعات‭ ‬احياناً،‭ ‬امتد‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة‭ ‬وحفر‭ ‬عميقاً‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬البلاد،‭ ‬تخللته‭ ‬مشاكل‭ ‬متنوعة،‭ ‬لا‭ ‬ترقى‭ ‬الى‭ ‬الوصول‭ ‬لمرحلة‭ ‬الطلاق‭ ‬والافتراق‭ ‬وإعادة‭ ‬تأسيس‭ ‬حياة‭ ‬أخرى‭ ‬منفصلة‭ ‬بسبب‭ ‬معارك‭ ‬جانبية‭ ‬مصطنعة‭ ‬مع‭ ‬المكونات،‭ ‬لكن‭ ‬يبدو‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬الاحتمال‭ ‬بات‭ ‬اليوم‭ ‬وارداً‭ ‬جداً،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬انّ‭ ‬كلفته‭ ‬ستكون‭ ‬عالية،‭ ‬وهذه‭ ‬الكلفة‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬أكبر‭ ‬مما‭ ‬تحمله‭ ‬العراقيون‭ ‬من‭ ‬ضيم‭ ‬وعذاب‭.‬

الجديد‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬اللاهب‭ ‬ببغداد‭ ‬هو‭ ‬انّ‭ ‬التيار‭ ‬الصدري‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬لواء‭ ‬التغيير‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬داخل‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬او‭ ‬خارجها،‭ ‬بات‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬متقدم‭ ‬من‭ ‬صولاته‭ ‬السياسية‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬عليه‭ ‬التراجع‭ ‬عن‭ ‬مطالب‭ ‬تبناها‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬التيار‭ ‬ايضاً‭ ‬،‭ ‬وانّ‭ ‬أي‭ ‬تراجع‭ ‬يعني‭ ‬نكوصاً‭ ‬لا‭ ‬نهضة‭ ‬بعده‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬ايضاً‭ ‬انّ‭ ‬الجانب‭ ‬الاخر‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬لملء‭ ‬فراغ‭ ‬التيار‭ ‬الرسمي‭ ‬بعد‭ ‬قرار‭ ‬الانسحاب‭ ‬،‭ ‬سيمضي‭ ‬بقوة،‭ ‬اذا‭ ‬تسلّم‭ ‬السلطة،‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬لتقنين‭ ‬وضع‭ ‬التيار،‭ ‬بطرق‭ ‬مشابهة‭ ‬لما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬اعقاب‭ ‬العام‭ ‬‮٢٠٠٥‬‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬طرق‭ ‬جديدة‭. ‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬فإنّ‭ ‬أي‭ ‬مكسب‭ ‬يحصل‭ ‬عليه‭ ‬التيار‭ ‬في‭ ‬محاسبة‭ ‬حيتان‭ ‬الفساد‭ ‬الكبار‭ ‬سيعني‭ ‬انّ‭ ‬حاجز‭ ‬الحماية‭ ‬سقط‭ ‬عن‭ ‬الجميع،‭ ‬وانّ‭ ‬الغسيل‭ ‬الوسخ‭ ‬سينشر‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬استثناءات‭ ‬على‭ ‬الحبل‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬ينقطع‭ ‬تحت‭ ‬ثقل‭ ‬مفاجئ،‭ ‬لتولد‭ ‬مرحلة‭ ‬تداعيات‭ ‬جديدة،‭ ‬قد‭ ‬تنتهي‭ ‬الى‭ ‬وضع‭ ‬سياسي‭ ‬جديد،‭ ‬او‭ ‬قد‭ ‬تمضي‭ ‬الى‭ ‬نهايات‭ ‬سائبة‭ ‬تغذي‭ ‬اضطرابها‭ ‬العناصر‭ ‬والقوى‭ ‬التي‭ ‬تدرك‭ ‬انها‭ ‬في‭ ‬كلا‭ ‬الحالين‭ ‬خاسرة‭ ‬عند‭ ‬المكاشفة‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭.‬

كانت‭ ‬الكلفة‭ ‬قبل‭ ‬شهور‭ ‬يسيرة،‭ ‬وربّما‭ ‬سهلة،‭ ‬فيما‭ ‬لو‭ ‬تمّ‭ ‬الاخذ‭ ‬بنتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬والتحالفات‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬بعدها‭ ‬لتكوين‭ ‬حكومة‭ ‬عمرها‭ ‬أربع‭ ‬سنوات،‭ ‬تليها‭ ‬حكومة‭ ‬أخرى‭. ‬امّا‭ ‬الان،‭ ‬فلا‭ ‬مستقبل‭ ‬لأي‭ ‬انتخابات‭ ‬مبكرة‭ ‬أو‭ ‬عادية‭ ‬في‭ ‬الأفق،‭ ‬لأنه‭ ‬جرى‭ ‬التأسيس‭ ‬لقاعدة‭ ‬رفض‭ ‬منح‭ ‬فرصة‭ ‬للفائزين‭ ‬بتسلم‭ ‬المسؤولية‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬القلقة‭ ‬ذاتها،‭ ‬فكيف‭ ‬سيكون‭ ‬الحال،‭ ‬حين‭ ‬تختفي‭ ‬كل‭ ‬مواضعات‭ ‬تماسك‭ ‬المشهد‭ ‬حتى‭ ‬المدعومة‭ ‬خارجياً،‭ ‬وقد‭ ‬عرضت‭ ‬التسجيلات‭ ‬المؤكدة‭ ‬والمتسربة‭ ‬سيناريوهات‭ ‬تحاكي‭ ‬الحال‭ ‬المتوقع‭ ‬عن‭ ‬قُرب‭ .‬

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *