شغلنا كثيرا رئيس حكومة عراقية اسبق بمصطلح -البعض- في عرضه لأية قضية كان العراقيون يتطلعون الى حلول ونتائج لها، وحار الناس في تفسير وتحديد من هؤلاء البعض، هل هم حزب، أم مليشيا أم رئيس حكومة سابق أم قوى خارجية أم الحرس الثوري الإيراني أم خصوم جدد كانوا وليدي حسد العيشة والوظيفة. لا أحد يعلم بالضبط مَن المقصود بهذه المفردة التي تحولت مصطلحا سياسيا له أداء معين، وخرج ذلك المسؤول من منصبه، وقيل من بعده انه هو نفسه لم يكن يعلم من هم البعض.
اليوم، وقعت مصيبة جديدة في البلاد وانبرى التيار الصدري حاملاً لواء الإصلاح ومحاربة الفساد باسم الشعب على طريقته الخاصة في مبنى البرلمان، وتنادى الخصوم والمقربون وأولئك الحياديون والأقربون والأباعد ليتحدثوا عن أسباب الازمة وطرق حلها من خلال مصطلح جديد هو – الجميع – فنراهم يقولون على الجميع التحلي بالصبر وضبط النفس، وان الجميع مسؤولون على الاستقرار والسلم الأهلي، وان الجميع مدعوون الى طاولة الحوار، وانّ الجميع لا خاسر ولا فائز ، وانّ العراق أمانة بأعناق الجميع، وانّ طاولة الحوار تتسع للجميع، ولابدّ من ان يتحلّى الجميع بالحكمة وتغليب المصالح العامة على المصالح الشخصية. ولا يزال مصطلح -الجميع- ينقر في رؤوسنا مع نشرات الاخبار وتقارير مراسلي القنوات ونصوص المبادرات وتصريحات السياسيين، حتى ذهبت بنا الظنون شتى المذاهب في تفسير مَن هم المقصودون بمصطلح الجميع، هل هم قوى الإطار التنسيقي وحدهم مع التيار الصدري ام جميع المتورطون، اقصد المشاركين، في العملية السياسية الجارية أم هم القوى الإقليمية والدولية التي تضع كل واحدة منها سيادة العراق في جيب صغير من ثوبها الفضفاض؟
لا أحد يدري مَن المقصود بالجميع؟ وهل هو مصطلح لجبر الخواطر والترضية وترحيل المشكلة أم غطاء لبؤر الفساد النتنة لكي لا تفتح ولا تزكم روائحها الكريهة الأنوف؟
الورطة لا تقف عند هذين المصطلحين ، انما تتعداهما الى حاجتنا ان نعرف معاني الفساد والإصلاح والشلع قلع وتغيير النظام والنزاهة والعدالة وسوى ذلك الكثير من المفردات التي يتلاعب بها ( الجميع)، والشعب حائر أمامها.