كنا منذ البداية ، ضد انسحاب الكتلة الصدرية من البرلمان ، كقوى وازنة تمتلك الاغلبية، كذلك ضد الانغلاق السياسي بدوافع التنافس الذي يرقى الى التسقيط والصدام ، وحيثما نزل الاختلاف الى الشارع فأنه ليس بالإمكان وضع الضوابط على تحقيق حكومة قادرة لتلبية الضرورات من الخدمات وإنجاز نسبية الحقوق للمواطنين . مما لاشك فيه إن توزيعات الحكم على قواعد المحاصصة المذهبية والعرقية ، قد فشل ، فشلا ذريعاً ، وهو نظام الهيكلية المرفوضة شعبيا ، وكان الاجدى بكل القوى السياسية تركيبة هذا النظام ، وتحقق طرق ووسائل نوعية في طريقة الحكم ، ولسنا هنا ندعو لإبعاد الكيانات السياسية التي قادت هذا النظام، وإنما لمراجعة سنوات الفشل من ناحية والاستجابة للرغبة الشعبية والمجتمعية من الناحية الأخرى ، وهذه عملية ديالكتيكية ديناميكية تستخدمها كل القوى السياسية ذات الفعالية الفكرية والسياسية المرنة . تظاهرات التيار الصدري ، هي واحدة من مؤشرات التدافع خارج محيط المشتركات ، وإذا لم يتم معالجة المواقف المتعارضة ، بين كل الكيانات السياسية ، على قاعدتي السلم الوطني الأهلي خط أحمر، لا يسمح تجاوزه بالمطلق ، والحوار والمناقشات ضرورة وطنية ، وهنا يمكن التساؤل ، إذا كان التيار الصدري قد تنازل عن حقه الانتخابي ، وهو بالضرورة تجاوز عن حقوق الناخبين .
والعديد من المتابعين كانوا على الطرف الاخر من هذا القرار ، لكنه حصل ، وهنا يشير المتابعون من حق هذا التيار سياسيا أن يعترض على اختيار التنسيقي لرئاسة الوزراء ، ويعتبر هذا الاختيار جزء من صفقة المحاصصة التي يرفضها التيار ، وهناك وجهة نظر أخرى توضح بان اختيار السيد السوداني لرئاسة الوزراء لا لبس فيه ، أو اتهام لهذه الشخصية العراقية الوطنية المعتدلة ، وإنما هو الشعور بتجاوز التيار في وجهة نظره سياسيا في عملية الاختيار، وما جرى من تظاهرات اقتحامية للبرلمان هو بالضرورة التأكيد من إن الشارع الصدري حاضرا في مواجهة أي اختراقات دون موافقة الصدريين .
وعلى وفق هذه المشاحنات والاختلافات تارة ، والتقاطعات تارة أخرى ، لابد من الوصول لحلول وسطية ، تجنب الشارع العراقي من الانفلات وقد يكون التصادم ، ومن ثم تنهي هذا الانسداد الذي خرج عن المفاهيم الوطنية في الاختلاف والتنافس السياسي ، الى الصراعات الشخصانية في الاستيلاء على الحكم وادارته وفق الشعارات العامة ، لأن كل الطرفين الشيعين الصدري والتنسيقي ، بل وكل الأطراف الكردية والسنية ، لم يطرح منهما برنامج عمل لمرحلة الحكم القادمة ، حتى يمكن تبنيه أو الحكم على شمولية نجاحة ، بل كل ما نسمعه من احاديث لا يرقى لأكثر من كونه شعارات .
الشيء الأكثر وضوحا ووسطيه ، هو ما تناوله السيد عمار الحكيم في خطاب العيد ، وهو التأكيد على حكم الدولة القوية ، وتوكيد العمل مع الناجحين في الحكم للمرحلة المقبلة تحددها ضرورات العمل ، والحوار في حل ما تبقى من الخلافات ، وسلطة قوية ، هذه وجهة النظر الوحيدة التي تابعها المتتبعون للحالة العراقية الراهنة .
المهم لسنا هنا بصدد التقييم ، لكن كل الخوف على ما تبقى من العمر ، الذي لم يرى فيه الشعب حياة أمنة ، ولا وطن يأخذ استحقاقه بين الأوطان ، لذا يمكننا الإشارة الى إن التظاهرات عفوية أو منظمة ، وأن اختيار السيد السوداني رئيسا للوزراء بالإجماع أو دون ذلك ، فأن المهم في العمل السياسي لا خصومات دائمة ولا عقلية الغُلبة وفرض الارادات مقبولة ، وإنما مصلحة الوطن وحقوق الشعب أولا وأخيرا ، ومن هنا نؤكد بأن التدافع خارج محيط المشتركات ، سيؤدي بالنتيجة الى جبهتان تتصارعان من اجل الحكم نتيجتها شعب يرفض الكل .