والدي هو المرحوم (حسين عامر الإمارة) مدرس مادة الكيمياء المعروف، حدثنا ذات يوم برغبة إدارة الإشراف الإختصاص بترشيحه مشرفاً لمادة الكيمياء في تربية البصرة.
فرحنا كثيراً بالخبر ودُهشنا من رده على أحد مسؤولين التربية بأنه سيفكر بالموضوع!
وقلنا له جميعنا: لماذا لم تخبره بموافقتك الفورية؟
فقال: لم أرغب بإبلاغه عدم موافقتي مباشرة!
وانتهى النقاش..
بعد مدة برر لنا عدم موافقته على قبول ترشحه لمهمة الإشراف في تربية البصرة قائلاً: زمن البعثية ما بيه مستحى.
وأردف قائلاً استنكف اگعد وي البعثية وأنا أعرفهم شنو، وأستنكف اشارك بإحتفالات الغجر، وأستنكف وأستنكف…
وقال أيضاً: يعني معقولة ابن فلانة يصير مسؤول وفلان أبو الكذا يأمر وينهى؟
وقال: البلد وهو بهذا حاله ما أريد واحد منكم يصير مراقب بشعبته بالمدرسة!
والدي توفاه الله مريضاً عام (١٩٩٨) رحمه الله وأنا بعيد عنه في دار الغربة..
كان يحدثنا دائماً عن واقع اليوم و”كأنه يقرأ وقائع هذه الأيام”!
كان يقول: إن البعث القميء -وهو يكره البعث- تحول من إنتماء إلى سلوك!
وإن هذا السلوك يحتاج إلى أمة وعي وصلاح تكون قادرة على تغييره من وضاعته وإنحطاطه وإنحرافه إلى ما هو أفضل.
وهذا ما لم يحدث إلى الآن..
بل إن ما حدث هو العكس بعد أن تعززت السلوكيات البعثية في مجتمعنا، وبدلاً من أن نغير واقع “البعث” تغيرنا نحن به!
ولا تنتفخ أوداج البعض إستنكاراً لهذه الكلمات أقول: لنراجع -نحن- أنفسنا ونقرأ واقعنا ونحدد مستوى الإنحدار الذي نحن فيه..
“العميقتان على ضلالة”.