بعد ازمة الانتخابات الاخيرة سمعنا كثير من الشخصيات السياسية والعامة والاحزاب تتكلم بتغير النظام السياسي ولابد ان يتغير هذا النظام ودعوات لتغير نظام الحكم من برلماني الى رئاسي ار شبه رئاسي ، لكن فعلياً وواقعاً ماسمعنا من احد عن اسباب التغير ؟ الية التغير ؟ افضلية التغير ؟ الشرعية القانونية الدولية بعد التغير ؟ المشاكل التي ستواجه التغير والتي ستتولد بعد التغير ؟
– واذا ردنا نجاوب على هذه الاسئلة اعلاه يحتاجلنا جلسات ومقالات وبحوث وتقارير وايام واشهر كي نصل الى صورة تكون اقرب لحقيقة الواقع ، لذلك راح احاول اتكلم عن بعض الاشياء التي قد نستفاد منها.
– مبدئياً مشكلة النظام السياسي العراقي الحالي لا تكمن في شكل النظام وانما تكمن في بنية تكوين هذا النظام والطبقة الحاكمة فحتى وان تغير الى شكل اخر بنفس البنية والطبقة لا ينتج سوى واقع اسوء قد يؤسس لدكتاتورية.
– النظام الرئاسي ؛ هو النظام الذي ينتخب فيه الرئيس للدولة بشكل مباشر او غير مباشر من الشعب وهو المسؤول التنفيذي الاول والشخص الاوحد للمارسة سلطة الحكومة وتنفيذ برنامجها والوزراء هم موظفين لدى الرئيس يساعدوا على ادارة الحكومة وهو من يعينهم ويقيلهم ويكونوا مسؤولين امامه فقط ، لذا سندخل في اشكالية شخص الرئيس في ظل تكوينة العراق المجتمعي والسياسي المتعددة والمقسمة كيف سيكون؟ وماهو شكله ؟ ومن اين ؟ وهل سيكون ثقة للجميع ؟ وخصوصاً ان قوة الرئيس موازية لقوة البرلمان الذي ينتخب من قبل الشعب ايضاً في الشرعية ومتفوق على البرلمان بالقوة والقرار والحجم معتمد بذلك على اساس مبدأ النظام الرئاسي وهو الفصل بين السلطات اشبه بالتام ، مما يعني انفراد شخص واحد في ادارة الدولة والحكم وسيطرة شخصية واحدة على مفاصل الدولة جميعها والتي قد تؤسس الى دكتاتورية واقصاء الاخرين بسبب الطبيعة الشخصية للرئيس او الميول الفكرية او الانتماء السياسي او الشخصية الحزبية الذي ينتمي لها ولاسيما ان العراق متعدد القوميات والاديان والمذاهب والاقليات ولابد ان يضمن حقوق هؤلاء من الاقصاء والحصول على امتيازاتهم التي قد يغيبها الرئيس ، بالاضافة الى إنه نظام ناجح في البلدان ذات التجربة الديمقراطية المتكامله والتي يكون فيها مستوى النضوج والوعي السياسيين عالياً ، لأن الديمقراطية لا تكتفي برسم حدودها لما يحق أو لا يحق أن تفعله، ولكنها أيضاً تحكم على بعض الأفكار والمعتقدات التي تجد لها مكاناً في أذهان بعض الأفراد من الشعب، بل يجري في بعض الأحيان السماح للعنصرين بالتظاهر والتعبير ضد هذه الجهة أو تلك باسم الديمقراطية وحرية الفكر وهذا غير موجود في كثير من دول العالم الأخرى وخصوصاً في طبيعة فكرية وممارسة ديمقراطية مثل العراق ذو التجربة الجديدة والتي تعاني من شلل رباعي في اداء وظائفها ، كذلك يذكر بعض المفكرين العرب أن الأنظمة العربية وبشكل عام هي نظم محافظة وهي على النقيض من النصوص الدستورية والقانونية لا تسمح بتغيير قمة النظام السياسي والهياكل الأساسية بنحو سلمي وكاستجابة لمطالب الرأي العام، بل إن الأدهى من ذلك إنه ليس هناك تغير لأي نظام سياسي عربي قد تم بصورة سلمية ومن خلال عملية ديمقراطية سلمية، وإنما يكون التغير إما عن طريق العنف المسلح أو الوفاة الطبيعية ، ولذلك فالنظام الرئاسي يزيد من الغطاء الدستوري والقانوني للاستبداد بالسلطة والديكتاتورية والفترة الممتدة من 1958 الى 2003 في عراق شاهد على هذه الحالة ، وايضا إنه يلغي مبدأ المسؤولية السياسية مما يعني إمكانية التهرب من المسؤولية وصعوبة معرفة المسؤول الحقيقي عن الخطأ.
– النظام شبه الرئاسي ؛ يأخذ من النظامين الرئاسي والبرلماني معاً، إذ يوجد فيه رئيس جمهورية منتخب من الشعب مباشرة، له صلاحيات واسعة لا يملكها رئيس الدولة في النظام البرلماني، وتقترب كثيراً من صلاحيات رئيس الدولة في النظام الرئاسي، وفي الوقت نفسه هناك حكومة تكون مسؤولة أمام البرلمان، مما يبعد هذا النظام عن النظام الرئاسي ويقرّبه من النظام البرلماني ، هذا النظام يوفر قدر من الحرية في توزيع الادوار فعلى الرغم من تشكيل الحكومة من قبل رئيس ألدولة الا ان محاسبتها يكون من قبل البرلمان المنتخب ايضاً والتي امكانية ضمان تمثيل لجميع طوائف المجتمع بهذه الحكومة ورئيس الوزراء يستطيع ان يعمل وفق حرية معينة مستمدة من شرعية البرلمان لكن تبقى شخصية الرئيس تلعب دور وتساعده على الهيمنة واساءة استخدامة سلطاته مثل ما حصل مع حسني مبارك باستمرار استخدام قانون الطورائ منذ الثمانينات ، كذلك في هذا النظام عادةً يحاول الرئيس النزول للانتخابات النيابية بحزب او مجموعة احزاب لغرض الفوز باغلبية مقاعد يسيطر بيها على المجلس ولا يعيق عمل حكومته التي يستمد شرعيتها من المجلس وهذا يفتح الباب امام الهيمنة على السلطة التشريعية والتنفيذية ، هذا النظام ايضاً يحتاج الى قواعد ديمقراطية قوية وراسخة في المجتمع والطبقة السياسية كي يعمل بشكل صحيح ولا يكون باب للاستبداد.
– في ظل هذه المعطيات ، هل المجتمع العراقي لديه القواعد الديمقراطية القوية والروح الديمقراطية القوية التي يغلب بها المصلحة الوطنية على المصلحة الخاصة الفئوية سواء الطائفية او المذهبية او العرقية او المناطقية او الدينية كي ينتج رئيس متفق عليه من الجميع دون اختلاف ويكون هذا الرئيس وطني ولا توجد عنده عقد نفسية؟
– الية تغير النظام تتم بطريقتين ؛ الاولى ؛ سلمية وفق تعديلات دستورية وبحالة العراق صعب جداً بسبب صعوبة تعقيد الاجراءات بالتعديل وتضارب المصالح وعدم الاتفاق على الصيغ الموحدة والمشتركات العامة والتشضي بين المكونات السياسية ، الثاني ؛ الطرق غير السلمية وعن طريق انقلاب او احتلال وهذا اذا صار بالعراق معناها البلد الى المجهول.
– قضية الشرعية الدولية مهمة جداً اي نظام سياسي لا يكتسب الشرعية الدولية يعاني الكثير من المشاكل مثل وضع محمد مرسي في مصر ، النظام السياسي العراقي الحالي يحظى على اقل بالقبول والتأييد والدعم الدولي بعد سنوات طويلة منذ 2003 الى اليوم واحداث عصفت بالعراق لحد ماوصل العراق الى نقطة ثقة دولية ، فاي تغير يحدث قد يكون مصدر قلق لهذه الدول في النوايا وكيفية التعامل وحفظ المصالح.
– والاهم من هذا هل العراق اليوم يمتلك مقومات تغير النظام ومن يغير هذا النظام؟ وكيف ؟ وكيف سيتم التعامل؟ شكل وصيغة النظام الجديد ماهي ؟ الحقوق والحريات هل سيتم المحافظة عليها ام في صفحة النسيان؟ هل ستتقبل الاطراف الكردية والسنية تغير النظام؟ والكثير من الاسئلة والقليل من الجواب الواعي.