شهدت البلاد في الأيام الماضية حرباً سياسية بين نفس الكون ، الذي طالما كان قوة واحدة ، الأحداث كانت متسارعة ، كذلك القرارات .. بغض النظر إن كانت صحيحة أو خاطئة ، والجميع كان ينتظر ما سيحدث .. بأستثناء البعض ممن يحلل حدوث قضية ما قبل وقتها ، مثل ماحدث قبل أيام الذي عدَّه البعض “اقتتالاً شيعياً” …
إن هذا المصطلح ضمن الأمور التي كان يذكرها والدي وهو يتابع الأخبار والأحداث والتحليلات السياسية ، رغم أن تخصصه ليس في السياسة أو الإعلام .. وأذكر أنني كنت امتعض من تلك العبارة واقول له : لماذا نربط السياسة بالدين والطائفة وهما شيئان مختلفان ؟ فيرد : لأن القوى السياسية تستخدم سلاح الطائفية وتتصرف وتحكم على هذا الأساس .. و رغم مقتي لربط كل شيء بالتطرف والطائفية رأيت بعد ذلك أنه على حق .
إن الحرب اليوم فعلاً .. هي حرب شيعية ، ليس لشيء مهم يخص الشعب ومعاناته بل لتعارض المصالح فيما بينهم، ربما ذلك أشبه بتناقض الرؤى بعد تشابه مستمر دام لأعوام ، لنعلم أن كل شيء في عالم السياسة يزول بمجرد زوال المصالح .
في الحقيقة لدي تأييد نسبي للإعتصام الذي أوعز به السيد الصدر ، لكن البعض يتساءل لماذا انتظر كل هذه السنوات الطويلة ليهاجم الآن .. الفاسدون ؟ الذين نهبوا وسلبوا وطغوا في فسادهم ؟ وبالرغم من ذلك فالتظاهر بحد ذاته خطوة ايجابية .. بشرط عدم الإنسحاب إلا بوضع حل جذري ، لإقتلاع النظام الفاسد .
من الممكن جداً أن تنجح الإعتصامات في كل حين ، ويتمكن الشعب من إستحصال حقوقه ، فقط إذا كان ذو كلمة واحدة وكلمته نابعة من الذات والضمير ، آنذاك يمكنه أن يستعيد ماسلبته منه الطبقة الحاكمة .
إن التخلي عن “النزعة الفردية” و “السلطة السياسية” و إنتهاج “الحكم للبلد لا على البلد” ، بروح “وطنية لا مصلحية” سيعالج جرح الوطن والمواطن ، وسيقلص الفجوة التي اخذت تكبر أكثر فأكثر في الأعوام الأخيرة ، نتيجة فقدان ثقة الشعب بالحكومة ، يجب لنا أن نفهم ضرورة إتخاذ حلول راديكالية .. لأنها الوحيدة التي تخلِّص وتنقذ المجتمع ومصالحه من فوقية مصالح القوى السياسية على مصلحة المواطن .. فالشخصيات التي قبل يومين كانت تتصارع وتثور لنفسها ومناصبها “خائفة” من أن تخسر الكرسي الذي من المفترض أن يُوُظَف لخدمة الناس لا الجور عليهم وسرقة حقوقهم .
الدعوات إلى التهدئة لا تنفي وجود إنفصال مستتر اثبت بصورة حقيقية “إهمال المواطن والإهتمام بالبرلمان “مصباح علي بابا السحري” ، الذي اغرقهم بالملذات الحياتية أولها المال ، نحن لانستطيع مقارنة بلادنا وحكامنا بدول و ولايات أوروبا، ومن غير الممكن أن يكون بيت الحكم في بلادنا أبيض ، وبالرغم من أن النظام البرلماني يعد حديثاً وديمقراطياً يقوم على التشاور والعدل وخدمة الناس، لكن الطبقة السياسية افسدته تماماً.. لأنها تنتهج السرقة والمنفعة الخاصة فقط .
لم يُقدَّم البرلمان للشعب شيئاً … لذا أقل مايمكن قوله اليوم للكتل السياسية : ماذا قدمتم للمواطن ؟ مالذي انجزتموه .. من صحة وتعليم ووظائف وخدمات وإعمار … الخ ، للأسف لم ينجح النظام البرلماني .. لأن هنالك كثير من الفاسدين .. وهم أقوى ممن يحاربون الفساد ويحاسبون الفاسد ، لذا إقتلاع الشجرة المسمومة أفضل من معالجتها .