في أيلول 1980، اندلعت الحرب العراقية الايرانية، وتم اغلاق ايران لمنفذ التصدير الرئيسي للصادرات العراقية على (الخليج العربي)، اعقبه في 1982 قيام سوريا حليفة ايران بغلق خط انابيب التصدير النفطي العراقي الى البحر المتوسط..
ونظرا”لاعتماد العراق على تصدير النفط في موازناته وفي تمويل الحرب، بدأ في 1982 بشحن نفطه عبر الاردن وتركيا، والتفاوض معهما ومع السعودية للحصول على حقوق بناء خطوط انابيب نفطية دائمية لتصدير نفطه..
في 1983 اتفق العراق والأردن بشكل اولي على مد انبوب يصل من البصرة جنوبي العراق الى ميناء العقبة على البحر الاحمر مرورا بالأراضي الاردنية.قدمت الحكومة الاردنية والعراقية طلب من امريكا بتقديم ضمانات بعدم استهداف الانبوب من قبل الكيان الصهيوني مقابل استثمار أمريكي في المشروع. في نفس السنة (1983) بدأت شركة (Bechtel) بكتل الامريكية نقاشا مع الاطراف للحصول على المشروع بكلفة مليار دولار وبمدة انجاز تبلغ سنة ونصف، وبطول 1700 كم..لكن في
1984 الرئيس العراقي صدام حسين والملك الاردني حسين بن طلال يطلبان من امريكا للمرة الثانية ضمانات اضافية بعدم استهداف الانبوب من قبل الكيان الصهيوني.
جاء الرد الإسرائيلي في 1985 من قبل شيمون بيريز رئيس وزراء الكيان الصهيوني الذي تطمينات للامريكان بشأن عدم استهداف الخط، و(بكتل) تقدم عرضا جديدا للعراق..
الا ان متغيرات سياسية حدثت في 1985، وظهرت مشاكل بين امريكا والكيان الصهيوني حول المشروع، واتهامات لوزير الخارجية الامريكي جورج شولتز وعلاقته بالشركة للتأثير على المشروع.. رفض العراق والأردن في
1985 عرض شركة (بكتل) الأمريكية بسبب شبهات فسادت طالت مسؤولين أمريكيين
، على إثرها بدأ في 1987 المدعي العام الامريكي تحقيقا حول علاقة المدعي العام السابق والشركة الامريكية بكتل بمشروع انبوب (البصرة – عقبة)..
بعد الغزو الأمريكي للعراق، في2012 بدا يعود المشروع الى الواجهة من جديد بزيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى الاردن والاتفاق على انشاء انبوب لنقل النفط الخام من البصرة الى العقبة، مع منح اولوية للاردن بالتزود من الخام.. بعدها في 2013 زار وفد فني عراقي من وزارة النفط الاردن ووقع اتفاقية مبادئ حول انشاء المشروع..
أثناء زيارة وزير النقل العراقي هادي العامري الأردن في 2014، تم إبلاغ الحكومة الاردنية موافقة العراق رسميا” على المضي بالمشروع، وبعدها في 2015 زار وزير النفط العراقي الاسبق عادل عبد المهدي الاردن ووقع مع نظيريه الاردني والمصري مذكرة تفاهم حول انشاء خط البصرة عقبة.. في 2016، اعاد العراق النظر في الهيكلة المالية للمشروع، وقرر تحويله إلى مشروع استثماري بالكامل لمدة 25 سنة بنظام البناء والتشغيل ونقل الملكية BOT..صرح
رئيس الوزراء العراقي الاسبق حيدر العبادي في 2017 بان العراق والاردن سيوقعان العقد، وان العراق يدعو شركات الطاقة والمستثمرين لتقديم العروض لبناء وتمويل المرحلة الاولى، مما أتاح للحكومة الأردنية ان تعطي الضوء الاخضر للمضي بمشروع انابيب النفط بصرة – عقبة في 2018، وعندها وافق مجلس الوزراء العراقي على احالة المشروع الى (شركة ماس العراقية القابضة) لتنفيذ المشروع داخل الاراضي الاردنية وبطريقة الاستثمار، ولكن لم يوقع العقد..
في2019 أعلن العراق أنه يدرس إعادة النظر بدراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع بشكل كامل، بحيث يتم إيصال الخط إلى مصر بدلاً من انتهائه في العقبة وبتكلفة 18 مليار دولار، وقام رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي بزيارة مصرفي 2019 للمشاركة في قمة ثلاثية مع نظيريه المصري والاردني والاتفاق على مواصلة الجهود لانشاء المشروع.. قام في 2019 رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي والاردني عمر الرزاز، بتوقيع اتفاقية اقتصادية كبيرة اكدا فيها المضي بالاتفاقية الاطارية لتنفيذ مشروع انبوب البصرة عقبة، وبتزويد الاردن بالنفط باسعار تفضيلية والتوافق على تحديد تفاصيل النقل والتسعير لتصدير النفط العراقي إلى الأردن، بالاضافة الى اتفاقيات تجارية،، مما أثار جدل عراقي نيابي حول الاتفاقية التي وقعها العراق والاردن بين مؤيد ورافض.
أكد عادل عبد المهدي ان اي عرقلة لصادرات النفط في مضيق هرمز ستشكل عقبة كبيرة امام اقتصاد العراق وهي الذريعة التي اعتمدتها حكومات الفساد و الشفط لتبديد صادرات النفط لتبرير المضي بالمشروع..
في 2019 رئيس الوزراء الاردني يؤكد ان ميناء العقبة سيكون احد منصات التصدير النفط العراقي الخام….
بدأ حكومة الكاظمي في 2020 بتسلم العروض التجارية والفنية الخاصة بإنشاء أنبوب التصدير (البصرة – عقبة)، وكانت الكلفة للمقطع الاول 4 مليار دولار للتنفيذ، والمقطع الثاني داخل الاراضي الاردنية 22 مليار دولار بطريقة الاستثمار على مدى 25 سنة..
وفي قمة ثلاثية في الاردن اجتمع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والملك الاردني والرئيس المصري، ومشروع الانبوب احد اهم المحاور.. أكد
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في 2021 مضي العراق بالمشروع، وان المباحثات في مراحلها النهائية.. وفي 2021 القمة الثلاثية الذي انعقدت في بغداد بين الاردن ومصر والعراق، تم الاتفاق على إتاحة منفذ لتصدير النفط العراقي عبر الأردن ومصر، والمضي قدماً في استكمال خط الغاز العربي وإنشاء خط نقل النفط الخام البصرة-العقبة، وتجديد التعاقد السنوي لتزويد الاردن بالنفط..
اكدت وزارة النفط العراقية ان مشروع انابيب (البصرة – عقبة) لا زال قيد النقاش الفني والتجاري، رغم وصول المفاوضات الى مراحل متطورة، بهدف ان يضيف المشروع قيمة اقتصادية للعراق والاردن، شريطة تخفيض كلف التنفيذ الى ما دون الـ 9 مليار دولار..

تمثل   اتفاقية مبادرة (الشام الجديد) والتي رعتها الولايات المتحدة الأمريكية و صندوق النقد الدولي، وذهبت الحكومة العراقية لتنفيذها، وسيلة
لتبديد ثروات العراق واهدارها، واغراقه بالقروض لصالح صندوق النقد الدولي، وهذا النهج هو بوابة ربط مصالح العراق مع دول التطبيع، و يدفع إلى تحويل الاقتصاد العراقي للنظام الراسمالي وإدارة خصخصة لصالح الشركات الأمريكية والاوربية والصهيونية، بدعوى الاستثمار، وبغطاء اسماء عراقية. مثل مجلس رجال الأعمال العراقي الأمريكي.

تعتمد( اتفاقية الشام الجديد) على تعاون سياسي واقتصادي عبر  مد أنبوب نفط البصرة – ميناء العقبة . بالرغم من أن العراق يصدر أكثر من 80٪ من نفطه إلى الصين و الهند و كوريا و بلدان جنوب شرق آسيا ، فما الجدوى من مد أنبوب للبحر الأحمر، في منطقة غير آمنة ( يكون فيه الخط الناقل بين فكي إسرائيل و داعش) ؟!
واذا كان في النية مد أنبوب للتصدير لأوروبا فيوجد خط جيهان التركي، كما أن ميناء العقبة يقع جنوب قناة السويس والاوربيون في شمالها.
فإذا أردنا استحداث أنابيب نفط او غاز للتصدير لأوروبا، فحسب شروط (التوقيع الصناعي) يكون الموقع الامثل على  البحر المتوسط على سواحل سوريا او لبنان افضل مكان للتصدير، وبالإمكان إعادة تأهيل الخط الناقل عبر سوريا إلى ميناء اللاذقية.

اما البحر الأحمر فالعراق يمتلك فعليا (ميناء المعجز) وحولته السعودية إلى ( ميناء النويبع) والأنبوب الاستراتيجي الذين صادرتهما السعودية بغير وجه حق بعد1991.
وبما ان حكومتنا ذاهبة للحضن العربي فالاولى ان تسترجع الأنبوب والميناء من السعودية.
اما *الجدوى الاقتصادية* لمد أنبوب نفط لميناء العقبة فتؤشر عدم كفاية المشروع..
لان العراق سيقوم  بمد أنبوب نفطي بكلفة 18 مليار دولار لميناء العقبة ويبيع 2. 2 مليون برميل للاردن ومصر بأسعار تفضيلية، وبتخفيض 18$ اقل من سعر السوق، كما أن كل برميل سيكلف العراق خسارة بمقدار 6 $ عبر هذا الأنبوب بدلا من التصدير من البصرة ، اي ان مجموع ما يخسره العراق أكثر من 20 مليار دولار سنويا”..
*بالمقابل*
فأن مصر اتفقت مع الصين على بناء معامل كيماويات ،ومعامل تكرير النفط واستخراج المشتقات النفطية على سواحل البحر الأحمر مقابل ميناء العقبة، لتقوم باستخراج مشتقات النفط العراقي واعادة  تصديرها للعراق والعالم، وان ما تحققه مصر من أرباح يتجاوز شهريا 35 مليار دولار من اموال العراق.
لقد عمدت أمريكا و بريطانيا إلى اعتماد الاتفاقية(الشام الجديد ) بدلا عن  انخراط العراق باتفاقية الحزام والطريق الصينية،
والتي تساهم في توفير بيئة عمل جاذبة للنمو الاقتصادي، وتعمل على بناء المطارات والموانئ (ومنها ميناء الفاو ) والطرق والجسور والانفاق وكل البنى التحتية، وبناء المصانع في العراق لتصدير السلع  لأوروبا ودول المنطقة.
وبناء معامل مصافى النفط وإنتاج المشتقات النفطية والبتروكيماويات في العراق، بدلا من تصدير الخام لمصر والشراء منها بخسارة مليارات الدولارات .
المضي باتفاقية مد أنبوب نفط (البصرة-العقبة) سيجعل العراق يخسر مبالغ بقدر ثلث ميزانيته، وهذا ما يفسر حديث وزيري المالية والعمل العراقيين عن الازمة الاقتصادية العراقية، مع ان اسعار النفط قد تصل لأكثر من 150$ حسب الخبراء النفطيين..
*للعلم* ..
لكل برميل نفط عربي يحتوي على: – 159 الف مللتر من المواد النفطية.. – زجاجة عطر فرنسي تحتوي على 100 مللتر من العطر…
سعر برميل النفط حوالي 50 دولار وسعر زجاجة العطر حوالي 100 دولار وبحسبة بسيطة المللي لتر الواحد من العطر سعره واحد دولار يعني برميل العطر سعره 159 الف دولار مقابل 50 دولار لبرميل النفط المقارنة هنا ليست لأهمية العطر مقابل النفط ولا استراتيجية السلع مقابل النفط.. المقارنة فقط في السعر والتي تبين ما اوهمتنا عليه الدول الغربية ان النفط سلعة استراتيجيه ومهمة وهم بالحقيقة يستوردوها من عندنا بسعر بخس مقابل تصدير سلعهم غير الاستراتيجية بسعر خيالي..
سعر برميل ماء الشرب يعادل 6 أضعاف سعر برميل النفط..
سعر برميل الكونياك يعادل 125 ضعف سعر برميل النفط..
اللهم انصرنا على حكامنا الظالمين..
و احفظ ثرواتنا من المستعمرين..

البروفسور د. ضياء واجد المهندس مجلس الخبراء العراقي

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *