تهنئة وشكر وتقدير لكل جهة امنية تسعى الى القضاء على آفة المخدرات التي باتت تقض مضاجع المجتمع العراقي ، فالبلاد من ارض كانت خالية من كل أثر للمخدرات ، الى ارض ملآى بكل صنوف هذه الجرثومة ، ولعل من يتابع الاخبار التي يعلنها الاعلام يوميا ، عن الحملات الشجاعة التي يقوم بها ابطال الاجهزة الامنية المعنية بمكافحة المخدرات ، فانه يشعر بالغبطة لتلك المساعي النبيلة والوطنية..
لقد استمعتُ قبل ثلاثة ايام الى تصريح المتحدث باسم مديرية مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في وزارة الداخلية العقيد بلال صبحي الذي بين فيه حجم خطورة جريمة المخدرات في المجتمع ، فهالني العجب ، لاسيما حين اكد ان “الفئة المستهدفة هم الشباب وتحديداً الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 وحتى 25 أو 30 عاماً”. وكشف عن القبض على أكثر من 5300 متورط ومتهم بعمليات تجارة وترويج المخدرات وتعاطيها خلال الأشهر الأربعة المنصرمة ، ومصادرة نحو 4 ملايين حبة مخدرة من نوع كبتاغون، و100 كيلوغرام من المواد المخدرة الأخرى.
لقد خنقتني هذه المعلومات المخيفة على المجتمع عن (آفة المخدرات) واتساع مداها بين الشباب ، ودخولها شبابيك البيوت ، وابواب الجامعات ، مُشكلة بذلك قنابل موقوته في ثنايا وازقة المجتمع ، وآلمتني المعلومات التي جاء على ذكرها المتحدث باسم مديرية مكافحة المخدرات وجعلتني ، ابحث عن اسباب الانفلات التي ادت الى شيوع هذه الظاهرة في وطن ، وصفته الامم المتحدة في منتصف سبعينيات القرن المنصرم ، بأنه البلد الوحيد في المنطقة الذي خلا من آفة المخدرات ، تعاطيا وترويجا..
حيث تنبه المشرعون العراقيون منذ زمن الى ان المخدرات تعد المسبب الرئيسي للكثير من الجرائم ، فهي تساعد متعاطيها الى القيام بجرائم السرقة و الاغتصاب والانحراف وسوء السلوك والزنا بالمحارم ، فعكفوا على اصدار قانون المخدرات العراقي رقم (68) لسنة 1965 الذي حرم “المتاجرة وصناعة المخدرات والاستخراج والتحضير والحيازة والتقديم والعرض للبيع و التوزيع والشراء ، ومنع المتاجرة بها مهما كان نوعها” ونصت المادة الرابعة عشرة الفقرة (ب) على اعدام من يتاجر ويسهل ترويجها الخ.
سادتي ابطال مكافحة المخدرات شكرا لكم ، لكننا نطمح الانتباه اكثر الى خطورة هذه الآفة ، وأن لا نقف عند القبض على تجارها ،بل علينا أن نشارك بكل ثقلنا وبكل ما أوتينا من قوة وإمكانات مادية ومعنوية من الحكومة في درئها نهائيا ، وعلى الآباء والمربون وأولو الأمر ملاحظة أبنائهم واحتضانهم واحتوائهم ، وأن نحمى أبنائنا ومستقبلنا الحضاري من هذا الخطر..