يبدو مقتدى الصدر في اضعف حالاته ويعيش عزلة سياسية كبيرة بعد المغامرة الانقلابية التي قام بها حين استولى على السلطة التشريعية، وهدد السلطة القضائية، ما أدى الى عرقلة التبادل السلمي للسلطة، وهو ما فتح عليه شلالاً من الانتقادات الدولية، فضلاً عن تحفظات القوى السياسية كافة.
وعلى رأس القوى المتحفظة حلفاء الصدر الاساسيين في (التحالف الثلاثي)، خصوصاً بعد ان قضى الصدر بنفسه على هذا التحالف عندما ضربه أول مرة على نحو مفاجيء بقرار استقالة الكتلة الصدرية من البرلمان، ومن ثم عاد ليوجه ضربة ثانية حين اقتحم انصاره البرلمان ودعا لاسقاط النظام وابطال الدستور وتجميد دور جميع الاحزاب في عموم البلاد.
وبلا شك تعتبر تحركات الصدر من طرف واحد مصدر قلق للجميع، ما يجعله طرفاً غير مأمون في الاتفاقيات والتحالفات، وهو ما باتت تقوله جميع الاطراف السياسية، إبتداءً من الحزب الشيوعي الذي خاض اول تجربة تحالف فاشلة مع الصدر، ووصولاً الى جماعات تشرين، وحتى الاحزاب الشيعية والسُنية والكردية.
وباتت القوى السياسية الكردية تعبر عن انزعاجها من دعوات قلب نظام الحكم التي يرفعها الصدريون في بغداد دون ان يضعوا أي اعتبار للاقليم الكردي، الذي يعتبر الشريك الاساسي مع الشيعة في بناء العراق الجديد، فيما تعبر القوى السياسية السُنية عن مخاوف مشابهة بعد ان خسرت نفوذها الوحيد المتمثل بالسلطة التشريعية، وذلك جراء استحواذ الصدريين على البرلمان وتحويله الى مسرح تهريج.
ولم يعد مع الصدر داخل البيت الشيعي غير (كاظمي + العبادي) والاثنان كما يعرف الجميع بلا أوزان سياسية ولا كتل وازنة، كما يتعذر وجود ضامن وكفيل لاي اتفاق مع الصدر في ظل الانفعالات اليومية التي يقوم بها والتي تظهر بوضوح فوق الاسطر التي يكتبها (وزير القائد + صالح محمد العراقي) وهي (گصاگيص) مقلقة ومزعزعة للأمن القومي.
وخسر الصدر في الايام الاخيرة حتى الاطراف المرنة داخل (الإطار التنسيقي)، مثل السيد عمار الحكيم والحاج هادي العامري، بعد ان تعرض لهما بمختلف أشكال الاعتداءات والكلام غير المقبول في المخاطبات السياسية، وتشمل قائمة الخسارات تحفظات الدول والمخاوف الاجتماعية المتزايدة.
وعلى الرغم من كثرة الحديث عن وجود انسداد سياسي إلا أن الحديث بهذا الموضوع محاط بالكثير من المبالغات، باعتبار ان الحل بات ينحصر بالقوى الكردية التي في حال توافقت على اختيار (رئيس جمهورية) ستاخذ الاحداث منحاً أسهل يعجل باتمام الاستحقاقات الدستورية، في ظل وجود مرشح شيعي توافقي وغير جدلي ونزيه لتولي رئاسة الحكومة وهو (السيد محمد شياع السوداني).
ولا يشكل اقتحام مبنى البرلمان من قبل الصدريين أي عائق أمام عقد جلسة لمجلس النواب من أجل انتخاب (رئيس جمهورية + رئيس حكومة) وذلك لكون النظام الداخلي لمجلس النواب في (المادة 21) يسمح بعقد جلسات المجلس في بغداد أو في أي مكان اخر عند الاقتضاء.
ويمكن في حال أصر (كاظمي) على عدم (تسليم السلطة سلمياً) اللجوء الى القضاء لاصدار أمر ولائي فوري برفع يد (كاظمي) عن إي مناصب يتقلدها من موقع أدنى أو أعلى، وهو ما يجيز للقوات المسلحة التدخل لاعتقاله ووضعه تحت تصرف المحققين المختصين بجرائم التمرد على الدولة، ويشمل ذلك محاكمته في محاكم عسكرية باعتباره القائد العام للقوات المسلحة ورئيس المخابرات.
وتشير جميع التقديرات وآراء المحليين والمتابعين الى تورط (كاظمي) بمخططات خطيرة لعرقلة (تسليم السلطة سلمياً) ومنها محاولته الاخيرة لكسب الوقت من خلال الدعوة لحوار وطني، مع ان الجميع يعلم ان كاظمي قد قام بالفعل بعقد مؤتمر حوار وطني في شهر اب العام الماضي 2021 وفشل فشلاً ذريعاً بحكم كونه غير مؤهل لهذا الدور خصوصاً في المرحلة الحالية لكونه بات طرفاً في الأزمة وليس الحل، بل ويعتبر (كاظمي) الدافع الرئيسي وراء عودة (التيار الصدري) الى (قائمة الجماعات الخطرة).