نشر صديقي الكاتب والصحفي فاضل النشمي في صفحته على الفيس نصا حزينا تمنى فيه ان تتاح له الفرصة كي ينسحب من العالم الى مكان هاديء يخلصه من صخب هذه الحياة.ويبدو ان امنية صديقي هي امنية العراقيين جميعا الذين يحلمون بايام سعيدة بعيدة عن عبث السياسة. العراقي اذن يكتشف مع الوقت انه ضحية انظمته السياسية المتعددة.ليس هذا فقط,وانما هناك قضية اخطر تلوث حياتنا حين نصل الى قناعة بان اليوم هو افضل من الغد.وفي ظل هذا التشاؤم الوطني يفقد الانسان رغبته وابداعه وثقته بالمستقبل. لنقل ان منشور صديقي هو صرخة تشاؤم نعيشه جميعا.وندفع ضريبته كلنا بلا استثناء. في يوم ما فكر شكسبير- ربما في لحظة يأس ان يترك لندن,ويعود الى قريته الصغيرة تاركا الكتابة,والمسرح,ليتفرغ الى حياته الخاصة البسيطة التي تبدأ بممارسة اعمال يومية روتينية من اهمها زراعة حديقة البيت.هذا ما فعله شكسبير,وهو يطبق فكرة الانسحاب من العالم,الى مكان اكثر هدوءا وجمالا.لكن اين يمكن ان ينسحب العراقي؟,وكيف يمكنه ان يلغي حياته كلها التي نضجت في فرن الاعوام السياسية التي صنعت منا بشرا تائهين,وقلقين.

ربما تكون لدينا طبيعة شكسبيرية تبحث عن امكنة نشعر فيها بالدفء بعد ان قضينا سنوات طويلة نتحدث في سياسة تافهة لم تصنع لنا يوما عصرا ذهبيا كما في اليابان او ماليزيا او نيوزلندا او الهند.

للاسف خسرنا التطور الطبيعي والخبرة المتراكمة التي كان يمكن ان تسهم في خلق جيل سياسي يعمل من اجل تغيير الواقع الى واقع افضل بكثير.لكن تقنية تدمير الخصوم صنعت لنا تاريخا مفتوحا على كل الاحتمالات.

مثلا لم تكن تجربة التعددية في العهد مفيدة لاحد بعد ثورة تموز.ولم تكن تجربة الزعيم قاسم كذلك مهمة لاحد.وفي حكم العارفين وما بعدها لم يكن هناك اي مؤشر على ان السياسة معرفة متراكمة.كان الهدم من الجذور حلا لجأت اليه الحكومات جميعا.

لسنا متشائمين بالفطرة,لكننا مواطنون وصلوا الى نتيجة واحدة هي:ان الصراع السياسي هدفه المصلحة لا الولاء للوطن.وهكذا اهدرت طاقات واموال.

كنت اتمنى لو ان السياسيين جربوا علاج شكسبير وانسحبوا من حياتنا الى دولهم التي جاءوا منها.واستقروا هناك يتابعون اخبار البلد الذي دمروه وهم يشربون قهوة الصباح بلذة.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *