يقول د برهان غليون في كتابه اغتيال العقل ،، محنة الثقافة العربية بين السلفية والتبعية : ( أن انحباس كل تقدم اجتمافعي وسياسي هو اكبر دليل على أن الأزمة تتجاوز السطح إلى العمق ، والسياسة إلى الثقافة والأنظمة إلى المعارضات، والاستراتيجيات إلى الأهداف والمفاهيم. ولا يفسر هذا الانحباس، وفقدان البديل يتفاقم العنف والقمع . فالقمع لم يحطم إرادة الشعب في التاريخ ولم يخفه، بل إن كثيرا ما يحثه على المقاومة ، يدفعه إلى المواجهة ، ويشحذ عزيمته .
أن السبب الرئيسي لاستمرار هذا الانحباس او المأزق التاريخي، هو غياب الوعي الموضوعي بإبعاد المشكلة الاجتماعية والتاريخية ، وغياب الرؤية الواضحة والتصور السليم والتفسير المقنع الذي يخلق إرادة الفعل، ويفتح افق العمل ويبعث في الإنسان الأمل . المعنى آخر أن استمرار الأزمة هو اكبر دليل على انعدام البديل او ضعفه . ولا نقصد هنا بالبديل السياسي وإنما المشروع الاجتماعي الثقافي والسياسي .) انتهى كلام غليون ..
وهو له أبعاد فكرية مهمة يلامس بل ويكاد يفسر ازمتنا الراهنة مع مقاومة ضراوة ووحشية الواقع الراهن في ظل تراجع بديهية إظهار البديل المنقذ الذي تطالب به الجماهير في انتفاضة تشرين والتي أفرزت وعيا شعبيا رافضا، في حين تعجز اليوم القوى المدنية لملمة شتاتها والخروج بتيار اجتماعي مقنع يكون بديلا في معركة تحقيق الوجود في العملية السياسية الراهنة والتي لابد لها أن تكون برهانات او بخارطة تتناسب مع هذا المد الشعبي الذي يحمل الكثير من الوعي على أن البلاد تتجه لارتداء ثوب المدنية المتعقلة ذات التوجهات الداعمة لفكرة العدالة .
نحن اذن ازاء مراجعة حتمية لهذا الانحباس وتجنيد الطاقات المتاحة لتعميق الرؤية في إبراز البديل الاجتماعي ليكون معبرا عن طموحات مجتمع يخلق إرادة الفعل ويفتح افق العمل ويبعث روح الأمل.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *