جاءني من أحد القراء السؤال الآتي من دون توقيع: تابعت مقالاتك الأخيرة في الصراع الدائر بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، ولم أستطع أن أصل الى نتيجة، ارجو أن تجيبني بصراحة، أيّ الطرفين سينتصر في النهاية؟
هذا السؤال الاشكالي، له مرددون بمئات الآلاف وربما الملايين، مَن سينتصر في النهاية؟ وهو سؤال يلقى على كواهنه، لكنه عند التحليل الجوهري يبدو مخيفاً، لأنه يتوافر على كلمة النهاية، وهي الكلمة التي مهما كان الطرف الذي سيبلغها عند الانتصار فإنه الثمن المدفوع سيكون عالياً، وخطيرا، ومرجع الخطورة هو انّ السواد الأعم من الشعب هو الذي سيدفع الثمن وليس النُخَب.
في الجانب الثاني من السؤال، هل يمكن التسليم الى ما لا نهاية انّ الصراع الدائر فيما لو استمر وتصاعد، سيبقى ثنائي الأقطاب ولا تشترك أطراف أخرى فيه؟ وهل سيبقى صراعاً داخلياً أم انّ حدود العراق سترتخي الى درجة السماح السهل للتدخل؟
لا زلت أرى ان المنتصر في هذا الصراع التنافسي على الصدارة وليس على الالغاء والابادة، هي العملية السياسية التي انتمى اليها المتصارعون وعملوا تحت الويتها ومروا من فوق مناصبها الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، وهي تعرفهم ويعرفونها، وتمثل اللباس المظهري الذي يخرجون به الى العالم منذ تسع عشرة سنة، ولا توجد اية إمكانية في الغاء العملية السياسية او حتى تعديلها، وانّ الشعارات التي تقال أحيانا في ضوء ذلك انما هي تهويل في المشهد للفت الأنظار وتغيير موجات التجاذبات، كل لصالح موقعه. من هنا ستقترب فرص الجلوس الى طاولة المفاوضات، لكنها لن تكون كالطاولات السابقة، وانّما لها صيغ أخرى مقننة.
ما يدور كله في الشارع والكواليس والعلن، يذهب بقوة الى نتيجة مفادها انّ العملية السياسية ستنتصر وحدها، وستعلو اعمدتها وترسخ ترسانتها وتقوى مصداتها، فالسياسيون من كل الألوان ليسوا أدوات حفر وقلع لها، فتلك مهمة تاريخية أخرى، تنزل على الأرض كقدر إلهي لا رادّ له إلا الله. وهو قدر من اقدار العراقيين غير المسيسين او الملوثين او المتورطين هنا وهناك