درجت الرئاسات الثلاث منذ أيام أن كان لرئيس الجمهورية نائبان، الافراط في تعيين المستشارين، وفهم المسؤولون انّ الذي ينبغي ان يشغل منصب المستشار هو قيادي في حزبه او جماعته او فئته، ويجب ان يشغل المنصب سواء قدم استشارة او بقي يفر بآذانه، وهذا النوع هم الأغلبية الساحقة من أولئك المستشارين الذين أرهقوا موازنة الدولة فوق مصائبها الاستنزافية المستوطنة.
وفي المرحلة التي صاحبت تسليم ثلث العراق من دون قتال الى تنظيم داعش، جاءت حكومة جديدة وتغيرت الأساليب نسبياً بسبب شح الموازنة وليس بسبب تغير النهج والتفكير، وجرى تقنين عدد المستشارين الذين هم عصير البطالة الخالص. في غفلة من الزمن في السنوات الأخيرة، عاد المستشارون يتكاثرون بسرعة لافتة مثل الطفيليات حول المناصب العليا.
المشكلة ليست في وجود مستشارين لرئيس الحكومة او رئيس الجمهورية او رئيس مجلس النواب، لكن الخلل يكمن في طريقة اختيار المستشار وتحديد مهامه واختصاصه، فضلا عن أنّ أعداد المستشارين غير خاضعة لسقف معين، بل غير خاضعة لسياق دستوري.
شيوع الاقطاعيات السياسية وترسيخ نهجها وغنائمها في البلاد، جعل مفهوم المستشارية مرتبطا بشخصنة حزبية وجهوية على صلة مباشرة بالمسؤول.
هذا الوضع أتاح لنا ان نرى انّ كل رئيس جديد يأتي بمستشاريه معه، وحين يغادر يختفي المستشارون، وينتظر المنصب مستشارين جدداً. أي انَّ الفراغ مستمر في بنية الوظيفة نفسها، حيث لا مستشار ثابتا للدولة والجميع تابعون لمسؤولين يحلون معهم ويغادرون معهم.
هذه ليست هيكلية دولة، انما هي مناصب تضع الدولة كلها في حقيبة وتحتكرها حتى ينتهي مفعول المنصب، لينكشف الوضع الوظائفي وتكون الدولة من دون مستشارين حقيقيين.
مجلس النواب، لم يتناول مسألة المستشارين ابدا، بل انه غير معني بها، في حين انه يتوقف طويلا ويخوض منازعات من اجل تعيين اشخاص في مناصب لا قيمة لها في مستقبل الدولة، بينما بعض المستشارين يلعبون بمقدرات أصحاب الرئاسات.
مناصب المستشارين لم تخضع للمراجعة والتقييم على مستوى الأداء والفاعلية وجدوى الاستمرار.
هذا هو أحد الفروق الجوهرية بين الدولة واللادولة.