البلاد تعيس في ظروف قاسية جداً ، حيث الخنادق متقابلة ، والشوارع منقسمة ، والحلول السياسية في ادنى مستوياتها ، فليس من المعقول أن يختنق العراق ، وسط التجاذبات السياسية ، وانعدام مشروعية الحلول ، مرت الأشهر الثمان على الانتخابات ، والكيانات السياسية متوقفة عند الانانيات السياسية ، والرفض ، والرفض المقابل ، ليس على أساس البرامج ، وإنما على قاعدة فرض الارادات ، والجميع يستخدم الشارع كواحد من اخطر النزاعات ، في هذا البلد المنكوب بديمقراطية القهر والتجويع والانقسامات المذهبية والعرقية وبالدستور الإشكالية .
إذا كانت القوى السياسية تستخدم _ الديمقراطية _ كادات للتناحر وتجييش الشوارع ، وليس للبناء والابداع والتطور ، فبئس تلك الديمقراطيات .

_ 20_ عاما ولم تفرخ الديمقراطية العراقية سوى السلاطين ، وخوشيات النهب والابتزاز والفساد ، وفي كل دورة انتخابية مهما كان حجم المشاركين فيها ، ننتظر مغادرة الدورة التي سبقتها ، وبدء العمل والبناء وإنجاز حقوق الناس ، ولكن لم يتحقق من ذلك شيئاً ، وإنما تتوسع دائرة الفقر والجوع والحاجة ، فليس من المعقول اطلاقا ً ، أن تشير الجهات الرسمية في الأمم المتحدة الى نسبة الفقر بالعراق 20% من مجموع السكان ، وأن نسبة الفساد في هذا البلد هي الثالثة في الكونية كلها ، وان الطبقات المرفهة المرتبطة بسلاطين السلطة تعدت الحسابات المنطقية للفكر السياسي المعاصر .

طرح السيد مقتدى الصدر ، مشروعاً تصحيحياً للعملية السياسية التي وصلت لحد التيبس ، وكان الجميع مع نظام خارج المحاصصة ، ومن اجل دولة قانونية قوية ، وسلطة مهمتها خدمة الشعب واللحاق بركب دول العالم ، وتسخير الموارد الهائلة التي تمتلكها البلاد لمصلحة الشعب وفي خدمة الانسان .

وكان الاطار التنسيقي مع مشروع التغيير وان اختلفوا في بعض التفاصيل ، ولكن الطرفين وكذلك الأطراف الأخرى لم تطرح برنامج العمل للمرحلة المقبلة ، وظلت الشعارات والمناكفات سيد الموقف ، وتوقف الطرفان في الشارع ، دون التقدم نحو الحوار بغية الاتفاق على صيغة مشتركة ، مما عزز ذلك الانشطار في الشارع العراقي ، وبهذا الأسلوب في العمل السياسي لا يمكن إيجاد صيغة مشتركة للتفاهم ، وهذا الأمر انعكس على الجبهات الأخرى الكردية والسنية .

سلطة عابرة

إن ما يهم مادامت المشتركات قائمة ممثلة بانتخابات جديدة وتعديل بعض قوانين الدستور ومحاربة الفساد وتحقيق سلطة عابرة للطوائف ، سلطة تخدم الشعب ، سلطة خدمية بأدوات فعالة من وزراء مخلصين وجهات ساندة بكفاءات مشهود لها ، لابد هنا الاحتكام للشروط القانونية بغية الخروج من الازمة .كل الأطراف السياسية تدرك بان الشعب في وادي وسلطات الحكم في وادي اخر ، وهذا الامر لكي لايخرج من الجميع ، لابد من اجراء التغييرات التي تنسجم مع الإرادة الشعبية وحقوق المواطنة .وهنا لابد من التأكيد ، بأن النظام الذي لا يستجيب لمطالب الشعب طيلة السنوات الماضية ، وبسببه يتفاعل في البلاد الفقر والمدن الشبه مخربة والعاصمة التي تشكو الإهمال ، لابد من القادة السياسيين مراجعة مركبات السلطة وتصحيحها ، وهذا الأمر من مسؤولية الجميع ، فالعناد السياسي والمواقف الشخصانية تكون دائما لمصلحة من يريد للعراق أن يأخذ دوره الطبيعي بين شعوب المنطقة وأمم العالم، وهو الاجدر بهذا الدور ، إذن الخلل بالقوى السياسية التي تبتعد عن مراجعة الخلل وتصحيحة ، ونفس القوى التي تجعل من العناد السياسي والمواقف المتضادة أسلوبا للمواجهة ، وبالتالي الشعب يدفع الضريبة ، ومن هنا إن ضريبة جعل العراق وشعبه وسط الخنادق المتقابلة ستكون حتما باهضة الثمن . فالعراق بلداً غنياً بطاقاته البشرية وموارده المتنوعة ، فليس من المعقول أن يبحث اطفاله بالمزابل بحثا عن المقتنيات العتيقة لسد حاجة العائلة ، وليس منطقياً البته أن تكون عاصمته ومدنه اشبه بالخرايب ، كما ليس معقولا أن يستفاد حفنة من الفاسدين بأموال الدولة والامية باتت في كل عائلة ، وليس منطقيا طيلة هذه السنوات والناس تتقلب من شدة الحرارة بدون كهرباء ، فهل يعقل قبول التبريرات في كل سنة عن ازمة الكهرباء ومليارات الدولارات صرفت عليها ، إذن هناك خلل حقيقي بالنظام القائم فلابد من معالجه ..

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *