منحت شهرا ثم زيد عليها شهر آخر للبحث عن شقة أخرى وتلك المهمة لايعرفها الا من يكابدها .. كنت ارى فيها سكنا مثاليا فانا اعيش وفق المتيسر غير انني افضل الاطلالات المريحة من الجهات الاربع . كان عندنا استاذ مصري في اكاديمية الفنون الجميلة يدرسنا التذوق الفني يجول بنا في شوارع الوزيرية باحثا عن معالم التناغم والهارموني بين البيوت وهو يقول لنا: انا راجل شغلتي اتفرج على البيوت !

لست من هواة الترحال بل ان برجي الذي اكتشفته بفضل خلات يسمح لي بالتشبث بالامكنة .. أنا اقل من وصلوا معي على ذات الطائرة قفزا بين الاحياء .اعقد صداقات مع المكان متأثر بغوستان باشلار الذي الف كتابا في ذلك ومن ماثوره: البيت، قطعة المرج، يا ضوء المساء، فجأة تكتسب وجهًا يكاد يكون إنسانيًا ، أنت قريب منا للغاية، تعانقنا ونعانقك.

لكن هذا ليس وطنك – تقول لي زوجتي التي لاتشاركني الاقامة الا صيفا !

هنا اجمل اصياف الدنيا لكن باشلار لم يعنهم تحديدا في حبهم للثلج لكن انسخ عنه مااظنه يقصد الناس بعمان : في كل عام يضرعون إلى السماء أن ترسل أقصى ما تستطيع من الثلج والبرد والجليد. ما يريدونه حقًا هو شتاء كندي أو روسي لأنه بهذا تصبح أعشاشهم أكثر دفئًا ونعومة، تصبح محبوبة أكثر. تبدو هي راضية عن هذا المكان تعتقد ان الاطلالة اوسع والفضاء دون حد والعمائر تتعالى والهواء ينسل من بينها الينا انسلالا .. ضرائر النساء الكتب .. عندي اكثر من الف كتاب في كل العلوم والتآليف هي مهداة من ضيوف لـ(اطراف الحديث) . يقول المصري( عبد الله اليماني )حارس العمارة الجديد : ياسلام عليك يادكتور قريت كل دول مرة واحدة ؟!

قال الاديب المصري ابراهيم عبد القادر المازني : ( كانت زوجتي تقول آخر ايام حياتها رحمها الله : ليس لي ضرة سوى هذه الكتب). عتبة خيرإن شاء الله .. كان لي امكنة نفوذ احن اليها .. هذه الطلعة احبها ؛ عتبتها لم تكن وحشة علي . أعرف المصلين نحو جامع الطباع الذين يلبون الاذان المرفوع للصلوات الخمس بمقام السيكا؛ اعرف جلاس المصاطب بانتظار لاأحد ؛ اعرف المتسولين وعمال التنظيف ؛ السافرات ؛ المنقبات السائحات ؛ دون اسام تذكر وغيرهن من الخارجات بعد انتصاف الليل ؛ كل اصحاب الدكاكين والمولات والمطاعم والكافيهات . لكن العمائر هنا صامتة لاتسمع لجارك صوتا .صمت مطبق ؛ كان الجميع لايقيمون في شققهم الا صيفا . لااعرف احدا على وجه التحديد ولا اظن انني سوف اعقد صداقة من اي نوع …ربما التقي جيرانا شاهدوني على الشاشة في العمارة السابقة ؛ ما ازال اسلك الطريق الى شقتي الجديدة من مصعد العمارة الاولى ..وربما ان اقتضى الامر ان اشاطرهم حق تصليح المصعد ( الاسانسير ) اان تعطل يوما..لماذا نسمي المصعد حتى وهو في حالة النزول بذات الاسم ؟

سادون غدا خواطر تتعلق بالمبيت هنا في الاسبوع الاول الذي لم يكتمل..

كان عارف الساعدي رئيس تحرير مجلة الاقلام ومدير عام الشؤون الثقافية الدكتور الشاعر وهذه الابقى له قد التقيته في اول خرجة من النزل الجديد في محفل شعري عند الشاعرة هناء البواب وصادفت هناك عراقيين يعرفونني بالاسم وعرضوا علي خدمات شتى وشعرت بان العراق واحد تحت قبة المساكين الذين يقولون للمراسل :

منريد منكم كهربا . . ومنريد منكم حصه، ومنريد منكم مدرسة . . ومنريد منكم فرصه، اخذوا النفط . . لابو النفط لابو البواري الما تجي وتمصه،شحصلنا من نفط العرب؟ . . الروم تاخذ نصه وللفرس رايح نصه ، واحنا بطرك خوف ووجل . . وارهاب طحنا بنصه ،لا عدنا امان ولا نفط لاكهربا لاماي . . فهمونا شنهو القصة؟ إي مابيكم شريف الينتخي . . وماتعركلكم كصه؟ (منسوخ عن عباس جيجان )

اوميد عباس الرسام العراقي المقيم بعمان كان له معرض اسماه (عتبات وكصص ) قد دعا ان تكون كصة سكني الجديد خيرا علي !

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *