ان الله جميل يحب الجمال ، ذلك أن الله خلق الكون وأبدع فيه وصوره أحسن تصوير . وها أنت تنظر الى السماء فتبهرك بشمسها وقمرها ونجومها ، وتنظر الى الأرض فترى الطبيعة الخلابة بشجرها وأزهارها وأورادها كأنها تحفة فنية تسر الناظرين . وها هي فصائل من البشر ألوانا وأجناسا ركبها الله في أحسن تقويم ، وما من دابة في الأرض الا لها مقوماتها وحسن تركيبها . ألا يسرك بعد ذلك أن ترى هذه المخلوقات فتعجب وتتأمل وتفكر بأن هذا الجمال لم يكن عبثا . ما يثير فينا النشوة في هذا الجمال أن خلق الله المرأة مثار اعجاب للرجل بقوامها وتركيبها وهيئتها لتجذبه وتغريه بما فيها من فتنة وحسن . ان ثمة مشاعر تحتوينا كلما تفحصنا هذا الجمال ، ومع ذلك فنحن نختلف في تقييم هذا الجمال تبعا لأذواقنا ،فاللوحة الفنية قد تبهر البعض ، بينما لا يكترث لها البعض الآخر ، وكذا الحال بالنسبة للمرأة ، البعض يرى فيها ما يبهج النفس ويسرها بينما لا يرى فيها البعض الآخر سوى أنها شيطان. والواقع أن فلسفة الجمال فلسفة عميقة لها مواصفاتها وملامحها ولها عمقها وأبعادها ، ولا يمكن أن نتوقف عند حدود معينة في تفسير هذه الفلسفة . قد يغفل البعض عما خفي من هذا الجمال ، فجمال الروح مثلا هو أروع بكثير مما تشاهده العين لأنه احساس داخلي يثير فينا الدفء والراحة والطمأنينة . وجمال الكلمة له من السحر مما تخفق له القلوب ، ذلك أننا نقف مشدوهين ازاء قصيدة فيها من البلاغة والحكمة ما يشرح الصدور ، أو نقف مستمتعين ازاء قصة تهز الوجدان والضمير . والاحساس بالجمال ينبع من نفس مرهفة ترى ما لا ترى غيرها من أبجديات الحياة وفي كل مشهد من مشاهدها . اننا نكون في منأى عن الحقيقة اذا لم تبصر أعيننا ذلك الجمال الكامن في السجايا الحميدة التي تظلل النفوس الكبيرة . كما أن الجمال يكشف عن نفسه في كل زاوية وفي كل ركن يتراءى للناظر تألقه وحسنه وبهاؤه .. ذلك أنك يأخذك الانبهار لمشهد مدينة قد شيدت أبنيتها بكل مرافقها على طراز فريد تتخللها حدائق ذات بهجة وتكسوها الطبيعة بنهر متدفق أو شلال هادر أو جبل شاهق .. حينئذ تهمس مع نفسك أن هذا يبدو كلوحة فنية بديعة عمل على صنعها الانسان والطبيعة ، لنكون بعدها على وفاق أن الجمال له فلسفته التي تفرض نفسها بايقاعاتها المتناغمة دون تردد .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *