يرى علماء النفس أن السنوات الأولى من حياة الانسان هي التي ترسم سلوكه ، وأن هذا السلوك قد يكون سويا أو منحرفا .
ان تربية الأسرة لها المقام الأول في هذا الجانب ، غير أنه لا يمكن أن نغفل دور البيئة في التأثير على هذا السلوك .
أثبتت الدراسات العلمية أنه لا أحد يولد مجرما كما كانت تدعي تلك النظرية التي عفا عليها الزمن .
ان المناخ الرديء والبيئة القذرة ما يخلق المجرمين رغم أن الوراثة تحدد على الأغلب صفات الذكاء والغباء علاوة على السمات الجسدية .
ان التعليم والثقافة يغيران أفكارنا وسلوكنا الى الأفضل الا أننا مع ذلك لن نتخلى عما اعتدنا عليه في الطفولة المبكرة من عادات وقيم راسخة في الأذهان تسري مع الدماء في الأبدان ليكون ذلك طباعا في نفوسنا تلاصقنا في مسيرة الحياة .
فهل من الممكن فيما بعد أن نغير من السلوك المنحرف لدى طائفة من الناس ؟ أيكون ذلك بالنصيحة أم بالقوة ؟
انه من الصعب حدوث مثل هذا التغير سيما أن هذا السلوك أصبح جزءا من الشخصية .
ان لكل منا شخصيته المستقلة في كل سماتها من ثبات وشجاعة أو خوف وجبن ، ومن قوة أو ضعف ومن جرأة أو تردد ومن استقامة أو انحراف .. لذا لا يمكن أن نعطي جرعات للضعيف حتى يكون قويا ولا للجبان حتى يكون شجاعا .
ومع ذلك يحدث هذا التغير أحيانا لأسباب خارجة عن ارادتنا ليتحول الشاب العابث الى شاب رزن جاد ولتتحول الفتاة الطائشة الى فتاة مدركة تتفهم واجباتها بأمانة .
وقد تدفع المستجدات التي تطرأ على المجتمع من تغييرات سلبية تودي آخر الأمر الى ازدياد حالات الانحراف والشذوذ .
غير أن تفسير ذلك أن بعض الأفراد ليست لهم حصانة تقف حائلا أمام المغريات .. انه كبش فداء للوقوع في الخطايا .
ان المشاهد التي نراها بين حين وحين تبين صحة ما نقول .. ذلك أن الضعف البشري حالة لا يمكن نكرانها كلما طرأت مستجدات .
ولعلنا نرى أمام أعيننا أن بعض الأفراد كرد فعل لحادث من الأحداث تنقلب حياتهم من سيء الى أفضل ليكونوا بالتالي مثالا للسلوك الحسن .
ان المثل القائل أن ( الطبع يغلب التطبع ) هو قول فيه خلاصة للسلوك الذي اعتاد عليه الانسان منذ طفولته ، ومهما حاولنا أن نغير من الطبيعة السيئة لدى البعض فاننا نفشل في تحقيق نتائج ايجابية .
ألسنا نرى أبا صالحا عاجزا عن تقويم سلوك ابنه المنحرف ليجد هذا الأب مرارة في أعماقه مما يفعل ولده .
اذن لماذا لم يكن هذا الأب قدوة لولده الذي اهتزت عنده القيم لينحرف ؟ أين هو الأثر الذي تركه له في سنوات حياته الأولى ؟
انه من الحكمة أن نقول أن هذا الأب لم يكن يريد لأبنه الا الخير الا أنه أخطأ في طريقة التعامل معه ، فهو أما أن أفرط في الدلال والحب معه أو أنه تعامل معه بطريقة غير حضارية بما فيها من أسلوب فظ ليقتل فيه ثقته بنفسه .
انها الأخطاء غير المقصودة قد تلعب لعبتها أحيانا في هذا الانحراف ، أما التربية الواعية فلا يمكن أن تخطيء أهدافها .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *