بلا شك أثبت السيد رئيس مجلس القضاء الاعلى (القاضي فائق زيدان) قدرات قيادية كبيرة في معالجة تحديات اللحظة الراهنة، حيث تمكن من السيطرة على الموقف المتهور جداً من قبل (مليشيات الصدر) اثناء محاولتهم اقتحام مبنى مجلس القضاء ومحاصرته، ما يؤدي الى فرض واقع انقلابي على النظام الديمقراطي الناشىء في البلاد.
وادت القرارات الاحترازية من قبل رئيس السلطة القضائية، والتي تم اتخاذها بشكل سريع جداً، الى حماية المحاكم والقضاة وما يترتب على تهديد القضاء من تداعيات قانونية، اقلها انهيار نظام الحكم بالكامل وسقوط الدولة بيد (حكم الگصگوصه)، الذي يعد حكماً انحرافياً مرفوض تماماً بحسب ردود الأفعال المحلية والدولية التي شاهدناها خلال الساعات الماضية لهذا اليوم الأسود.
ومن هنا يبدو أن (القاضي فائق زيدان) قد حافظ على السلطة القضائية الممنوحة له وفق الدستور، وهي واحدة من السلطات الثلاث التي يقوم عليها النظام الديمقراطي في العراق الجديد، وهو ما يعني أنه رجل مسؤول وقادر على تحمل الأمانة الموكلة اليه.
ولكن على الجانب الاخر نشاهد الخيبة الكبيرة التي صنعها (الحلبوسي)، والمتمثلة بتخليه عن مسؤولياته في الحفاظ على السلطة التشريعية الممنوحة له وفق الدستور، من ناحية قيامه بتجميد اعمال مجلس النواب منذ عدة اسابيع وحتى إشعار اخر، فضلاً عن تركه مبنى البرلمان بيد (الخارجين على القانون) ليحولوه الى (زريبة حيوانات).
ومنذ احداث اقتحام البرلمان غاب الحلبوسي عن القيام بأي فعل سياسي مؤثر، وتقصد عدم المواجهة، بل حتى عدم المبادرة لإنهاء حالة اقتحام البرلمان وتعطيل أدواره التشريعية والرقابية، في الوقت الذي يتطلب فيه التسابق مع الزمن جراء عدم الالتزام بالتوقيتات الدستورية لانتخاب رئيس جمهورية ورئيس حكومة.
وبالتالي يبدو أن الحلبوسي غير مؤهل لإدارة (بيت الديمقراطية)، وغير جدير بتولي مسؤولية السلطة التشريعية، جراء تفريطه بالأمانة الملقاة على عاتقه.
ومما لا شك فيه، يعتبر (كاظمي) الذي تولى رئاسة السلطة التنفيذية منذ سنتين وثلاثة أشهر، بكل ما فيها من صلاحيات كبرى، اكثر من ينبغي إدانته جراء الانهيارات التي حصلت خلال عهده في كافة القطاعات الحكومية، على رأسها الملف الأمني والاقتصادي.
وهو ما يجعل (كاظمي) جدير بلقب (أفشل رئيس وزراء في العالم)، لكونه فرط بكل شيء يتعلق بحفظ الدولة، مقابل شيوع حالة الفساد والانحطاط والانفلات، وكذلك استهتار (المليشيات) التي باتت تصول وتجول وتلعب بمقدرات شعب كامل يبلغ تعداده 40 مليون انسان.
وبذلك تبدو المقارنة بين رؤساء السلطات الثلاث في البلاد تميل لصالح تفوق (القاضي فائق زيدان) فقط، دوناً عن الاخرين اللذين يحصلان في افضل تقدير على درجة 0،1%، في حال خضوعهم لامتحانات التقدير في الاداء، وهذا كله يرتبط بالادوار القيادية التي يقول بها كل رئيس سلطة أثناء القيام بواجباته.
وفي الختام يستحق (القاضي فائق زيدان) كل الثقة جراء قيامه بواجباته الوظيفية على أحسن ما يكون، في حين ينبغي عزل (الحلبوسي) نهائيا بسبب التقصير وتخليه عن مسؤولياته، الى جانب وضع (كاظمي) في السجن بسبب خيانته للدولة.