يعتمد نظام الاستبدال الصوتي على اللغة وهو خارج الكلام؛ أي أنّ الذي يلازمنا اللغة الشعرية المدجّجة بالاختلافات، وقد أكد ” فيردينال دوسوسير” على أنّ، اللغة هي نظام من العلامات والرموز والإشارات. وللنظام الصوتي الدور والفعالية في تبديل الحروف، وتبديل حرف واحد من الكلمة يغيّر مسيرة القطعة الشعرية أو الصورة الشعرية التي نحن بصدد تفكيكها والعمل تحت سقفها. فلو أخذنا جملة ( طاب الربيع )، فالكلّ سيعرف هذا المفهوم المباشر، وكلمة طاب تعني ( صار طيّبا )، وتتكون الكلمة من حرفين صحيحين يتوسطهما حرف معتل؛ فإذا أبدلنا الحرف الأول بالحرف ( ش ) فسوف يختلف المعنى اختلافات جوهرياً، وأعني معنى الجملة المركبة، فعندما نقول ( شاب الربيع )، فسوف نحصل على معنى مختلف تماماً بواسطة الاستبدال الصوتي، وهناك الكثير من الأمثلة عندما ننسف بعض الحروف ونبدلها بحروف أخرى وذلك لكي نكون مع المختلف في التكوين التصويري.
إن وقوع الاستبدال الصوتي يجسد وظيفة إيقاعية جديدة في الجملة الشعرية؛ وهي ( وظيفة إيقاعية دلالية في عملية الخلق الشعري). وهذا يؤدي إلى حركة صوتية نظامية يكون تنغيمها أكثر قوّة ( عندما يعمد الشاعر إلى استغلال إمكانات الأصوات وقدرتها على الإيحاء ومحاكاته، فالملاحظ أن المعنى دائما يعظم شأنه، ويرقى إذا ما صاحبته المؤثرات الصوتية التوقيعية الخالصة. ” 1 ” ).
هناك التفكر في المعاني وكيفية الالتفاف عليها وتحويلها إلى نظام مختلف، يؤدي هذا النظام إلى تغيير المعنى لينقلب إلى تأويل، فعندما قلت ( شاب الربيع ) فحتى مفردة الربيع فقدت معناها المباشر وتحوّلت إلى رمز وتعني ( الثورة ) أي أصبحت الثورة عجوزاً لا نفع منها سوى الاعتماد على الذكريات.
إنّ الأشياء التي يتداولها شاعر ما، هي نفس الأشياء التي تمرّ على غيره، وربّما يختلف موضوع الانفعال حسب درجاته، ولكن الانفعالات متواجدة لدى الشعراء، والكلّ يعاني من النفس المضطربة أو من القلق الذي ينتاب الشاعر؛ هذه المحطات التي أرسمها، هي محطات مشتركة، ولكن تختلف نسبة توظيفها بين شاعر وآخر، وعندما تظهر العلاقة بين الدال والمدلول، فقد ذكر ابن جنّي بما يخصّ مقابلة الألفاظ بما يشاكل أصواتها من الأحداث: مثلاً؛ سدّ وصدّ، والذي نلاحظه أن صوت الصاد أقوى ( بما فيه من استعلاء ) من صوت السين، ولكن هناك عملية استبدالية بين الحرفين، والوصيلة أقوى معنى من الوسيلة. وقد ذكر ذلك جاك دريدا: وفي جميع الأحوال يكون الصوت شديد القرب من المدلول سواء حددنا هذا المدلول. بشيء من الصرامة. بوصفه معنى ” نفكّر به أو مَعِيش “، أو بنوع من الإهمال؛ بوصفه شيء يخصّ ما يربط الصوت البشري بالنفس ربطاً لافكاك منه، أو يربطه بفكرة المعنى المدلول ” 2 “. حيث يكون الدال مشتقاً في حالة الكتابة.

1 – ص 77 – أوستيفين أولمان : دور الكلمة في اللغة. ترجمة : كمال محمد بش..
2- في علم الكتابة – ص 72 – جاك دريدا – ترجمة وتقديم: أنور مغيث و منى طلبة…
..

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *