لم يفكر الروائي العالمي نجيب محفوظ وهو يرسم ملامح شخصية عاطف هلال في رواية الحب فوق هضبة الهرم.لكن قدرة الروائي قد تلتقط سمات تنطبق على كل مثقف يحمل افكارا دون ان يستطيع تغيير الواقع الذي يعيش فيه.عاطف هلال نموذج لمثقف يكتب بلغة معسولة,ولديه نظرية اصلاحية لكنها بعيدة عن الحياة,ولا تغير الواقع ابدا.عاطف هلال مجرد ماكينة كتابة,وهو يعيش في عالمه الخاص.لديه سائق,وعمل,ولا يعاني من مرض يجعله شخصا قريبا من حياة جميع المتالمين في هذا العالم.انه كيان يكتفي بما حصل عليه.اما عن الملايين التي تعاني فهؤلاء عليهم ان يجدوا لانفسهم حلولا.اما وظيفة عاطف هلال كمثقف فهي تشبه الرجل حامل “اللايت” او المصباح انه ينير الطريق للجميع.هكذا يعتقد المثقف الواهم دوره.ان هذه الصورة هي واقعية جدا,وتنطبق على كثير من مثقفي زمننا,ووزرائنا التكنوقراط.علي علاوي المستقيل اخير هو اخ في الرضاعة لعاطف هلال المثقف في رواية محفوظ الحب فوق هضبة الهرم.تكنوقراط مليء بالافكار,وكاتب بيان لاصلاح الوضع الاقتصادي، وينخرط في ادارة وزارة مهمة كوزارة المالية,ثم يكتشف ان الاستقالة هي الحل الاسلم له.عاطف هلال لم يقدم حلا لبطل الرواية الذي يعاني من عدم قدرته على الزواج.فالنظريات لا توفر احتياجات بناء اسرة.لذا فشل المثقف وهو يواجه الواقع الحقيقي. كذلك كان علاوي تائها في تفاصيل الواقع الذي كان لا يشبه افكاره.
تغيير حياة
ولم تقدم له افكاره اي عون في تغيير حياتنا. كنا كمواطنين ننتظر ان يقلب بيان علاوي الاصلاحي حياتنا,ويطير بنا في سماوات الاصلاح محمولين بقوة الفكر الذي صبه على الورق.انتظرنا في الحقيقة لحظة التغيير فاذا بالدولار يفقد سعر صرفه الى رقم جديد اثر في واقعنا الاقتصادي,ثم قدم الوزير استقالته.وفي النهاية لم يفهم احد شيئا من بيان الاصلاح الذي كان وجهة نظر حالمة ليس الا.هي هزيمة الفكر امام صخرة الواقع,وفي مثل هذه الحالات يكون سوء النية حاضرا في تفسير هذا الاخفاق باللجوء الى قصة الامتيازات التي يهرول اليها هذا المسؤول او ذاك.