فعلا ، لو استمر الحال على ما هو عليه ، فسيبقى القيمر العراقي ، مجرد ذكرى يتداول المواطنون حكايته في جلساتهم ، ولاسيما في الصباحات حين يفطرون ، حيث تخلو الموائد من الضيف الابيض الشهي ( الگيمر ) او يصبح نادرا!
لستُ مبالغاً في قولي ، فقد نقلت الانباء ان ( الهلاكات) التي طالت الجواميس ، وهي الحيوانات الوحيدة التي يستخرج من حليبها مادة القيمر ، بلغت حتى قبل يومين 700 جاموسة في اهوار الجبايش وحدها .. وهذا رقم كبير ، بل كبير جدا ، وهو نذير شؤم خطير في خارطة الثروة الحيوانية في العراق ، فمن المعروف ان العديد من المحافظات تعتمد في صناعتها للقيمر على الحليب المورد من الاهوار ، باستثناء بعض المناطق التي تمتلك اعدادا من الجواميس ، ربما سيصبح حالها ، حال مثيلاتها في الاهوار .
لقد جاء في الانباء ان وزارة الزراعة ، اكدت أن الجفاف الذي ضرب هور الجبايش بمحافظة ذي قار تسبب بنفوق مئات الجواميس ، مبينة أن الجاموس يعتمد بالدرجة الأساسية على المياه في حياته اليومية ، وقد وجدت الوزارة أن انحسار المياه في الأهوار، وبقاء الأرض طينية ورخوة ، كانت سببا في هذا الهلاك ، فالجاموس عندما يدخل في الأرض الرخوة ، طلبا للمياه والبرودة ، تعلق أقدامه ولا يستطيع الخروج والعودة لمرابطه الرئيسة أو حظائره ، فيهلك بعد يومين أو ثلاثة أيام من بقاءه على هذا الحال بسبب الجوع والعطش ، وهناك نقطة اخرى في هذا الهلاك ، وهي ان الاعتماد على المياه الجوفية لتفادي الأزمة في الأهوار صعب جداً ، فكميات المياه المستخرجة قليلة مقارنة بما تحتاجه الأهوار .
وكما يرى القارئ ، فان اسباب الحالة المأساوية تعددت ، وبات الجاموس يستحق الرحمة ، في بلد لا يقدر اهميته الشعبية والاقتصادية ، فحليبه يمثل رمز المائدة الصباحية ، فهو الوحيد في صناعة القيمر ، وبذلك ، سيبقى ( الگيمر ) علامة فارقة في حياة العراقيين ، كونه يعتبر من الأطعمة ذات القيمة الغذائية المهمة جدا ، كما يؤكد خبراء التغذية ، فهو يحتوي على “فيتامين أ ” المهم جدا في معظم عمليات الأيض وفيتامين دي لبناء العظام والأسنان ، كما يحتوي على الكالسيوم والبوتاسيوم والصوديوم بنسب متفاوتة.
حتى ( الگيمر ) ضاع منا .. اولي عليك يا شعب !