في المعطيات العراقية المتداولة، لا يوجد طرف مؤهل لتبني مبادرة سياسية توقف تداعيات الأزمة ولا أقول تنهيها، سوى الجانب الكردي من خلال الحزبين الكبيرين في أربيل والسليمانية، ولاسيما ما يجري التعامل معه من جهود لزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني ، والزيارة المرتقبة لرئيس الإقليم الكردي نيجرفان بارزاني الى بغداد.
ذلك انَّ اية مبادرة عراقية داخلية، تحتاج الى عناصر قوة وروابط مشتركة متينة مع ذوي الصراع السياسي. والكرد لهم عناصر التأهيل النسبي المطلوبة، بما لديهم من تجربة سياسية كانت نواة التغيير في العراق لولا أن افسدتها تداعيات الحرب الامريكية وخلطة بول بريمر، وما جاء بعدها من أحزاب دينية نهبت البلاد باسم الدين وصادرته ليبدو بحجم العُقد التاريخية المعشعشة في رؤوس أصحابها وليس بحجم العراق الذي تنظر اليه بقية بلدان العرب بوصفه منارة لا غنى عنها عبر التاريخ الحديث خاصّة.
في حال فشلت المبادرة الكردية الوشيكة، وهذا احتمال كبير في ظل رفع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر سقف المطالب ليزيح بعرضه الأخير الأحزاب المهيمنة على المشهد بعد احتلال العراق ٢٠٠٣ لتبدأ مرحلة سياسية جديدة تنهي الأزمة بحسب رأيه، وهي مطالب من المستحيل، بل من سابع المستحيلات ان توافق عليها القوى الشيعية في الإطار لأنها تعني النهاية السياسية والوجودية لها في البلاد. من هنا تكون المهمة الكردية صعبة جدا، لكن لا بديل عن تحريك هذه المبادرة في ظل الركود والانسداد.
لعلّ الإقليم الكردي إذا وجد انَّ لا أمل في تحقيق مصالحة نسبية بين التيار والإطار، فإنّ هذا الوضع سيدعوه الى تحريك ورقة انتخاب رئيس الجمهورية بترتيبات جديدة تتيح نقل الوضع الى عتبة دستورية جديدة، تسمح بإعلان حكومة جديدة او التوافق داخل البرلمان مد عمل حكومة تصريف الاعمال ومن ثم التوافق على حل مجلس النواب والذهاب الى انتخابات جديدة لطي صفحة المطالب الثقيلة من خلال قبول اقل الخيارات خسارة. وبصراحة، حتى هذا الاحتمال صعب وخطير وقد يقود الى منزلقات، لا أحسب انّ الكرد بطبيعتهم الحذرة يمكن ان يذهبوا اليه قبل استلامهم إشارات التطمين الداخلية.
انّها ورطة، وهي نتيجة طبيعية لتراكمات من الانحرافات في تدبير شؤون البلاد، وحان وقت دفع استحقاقاتها، حتى لو كان الثمن غالياً