لماذا نرّحل العلاج؟ سؤال أعلم أنه صعب للغاية، وعميق جداً، ولا سيما اذا اخذنا بنظر الاعتبار أن هذا الترحيل يزيد من تعقيد المشكلة، ويفاقم المرض، ويجعل العلاج أكثر كلفة ويقلل من نسب النجاح والشفاء؟!.
قد يقول قائل، ان الترحيل لا بد منه، تجنباً للألم، وحفاظاً على كيان الإنسان، ولكن لا يوجد علاج دون ألم، ولا يمكن تصور أي عملية تصحيح مطلوبة ستكون دون ثمن، وحتى كياننا قد يتحول بهذا السلوك إلى مجرد هيكل خاوٍ لا معنى له، ولا يقوى على الصمود في وجه أبسط الرياح!
ان تحمل الألم الحاضر هو باب للخلاص من الألم الأكبر..
والثمن المدفوع الآن مهما يراه البعض باهضاً هو توفيرلأضعافه فيما لو اضطررنا في نهاية المطاف على العلاج، وقطعاً سنكون كذلك! ونظرة بسيطة على موقع العراق قديماً في التصنيفات والاحصائيات وموقعه الان تكفي لبيان حقيقة هذا الأمر، ولم يكن الامر ليصل إلى هذا الحال أو المستوى لو كنا أكثر شجاعة وعالجنا اول حالة فساد مالي، وتدهور قيمي، وخراب شعرنا حينها انه يتسلل بصمت مثل لصٍ محترف ليخترق مجتمعاتنا المحصنة بالقيم والأخلاق! ان كل ثمرة نجينها اليوم ومهما كانت مرّة هي نتاج غرس سابق أو اغفال ـ عن عمد او غيره ـ لأولى بوادر الخلل والخطأ في البناء.
ولكن..
تبقى الفرصة ممكنة، وعلينا المبادرة والاستدراك، دون أن نخدع ببعض صور الحياة الحاصلة، فليست كل الأنفاس دليل حياة، بل قد تكون علامة احتضار!