الفنان هو المرآة العاكسة لثقافة وتراث وحضارة الشعوب والأمم ، فهو الشخص الذي يجسد هموم ومعاناة الناس، ويحاكي آمالهم وطموحاتهم، ويبرز الجوانب الإيجابية في المجتمع ويخلق حالة من الوعي بالواقع المعيشي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي..الخ
اما لو جئنا في الجانب المقابل، المتمثل بالسياسي، فهو في الغالب لا يتمتع بنفس المكانة والسمو المحبة والشعبية التي يتمتع بها الفنان والمثقف، بل نجد كثير منهم محل كره وامتعاض وشتم وسب، وذلك لما فعلوه وقاموا به من تصرفات وافعال وقرارات كان لها أنعكاس سلبي على حياة المواطنين اليومية.
ففي بلد مثل العراق، فان الفن فيه حظي باحترام وتقدير جميع افراد الشعب، خصوصا الجيل القديم، الذين ابدعوا في أعمالهم ونتاجاتهم الراقية بشكل حاز على إعجاب ورضا الناس، لأنها لامست مشاعرهم وكانت قريبة من إحساسهم ، باسلوب بسيط ساحر، وكلمات لها تأثير عميق في النفس والحان بديعة واصوات خالدة، إضافة إلى الدراما والمسرح والسينما وكافة المجالات الاخرى.
ولكن رغم ما للفن من مكانة سامية وتأثير عميق في المجتمع، فاننا نجد ان غالبية الفنانين قد عانوا الامرين، نتيجة الظروف الصعبة والتحديات والمخاطر، اضافة الى الحالة المادية السيئة والفقر والحاجة، والمطاردة والملاحقة في كثير من الفترات والاضطرار الى السفر خارج البلاد والتغرب والابتعاد عن البلد لسنوات طويلة، بل وان قسما منهم توفوا في ديار الغربة بعيدا عن اهلهم ووطنهم الام.
بينما سياسيونا ينعمون بالاموال الضخمة والمكاسب الواسعة والرفاهية اللا محدودة، والتي جاءت اغلبها على حساب ثروات الشعب العراقي وامواله ونفطه، من خلال صفقات فساد وسرقات خيالية .
ولو قارنا الان، بين السياسي والفنان، بموجب الاحترام ومحبة الناس والعطاء وما قدموه للبلد، لكان الفارق شاسعا وكبيرا، فالسياسي مكروه ويعامل باحتقار وكراهية، ويتم سبه وشتمه بشكل يومي، بينما الفنان يحظى بالمحبة والاحترام والتقدير اينما حل وانتقل، ويسعى الناس الى اخذ الصور معهم ويتمنون اللقاء بهم ويفتخرون بذلك، بل واكثر من ذلك، نجد الشعب يتعاطف مع الفنان ويبكي ويترحم عليه ان توفي، ويذكره بكل خير في كل المحافل، بعكس السياسي الذين يتم التشمت بهم والتشفي بمصابهم وموتهم رغم انه حق على كل البشر.
ونحن هنا نتسائل، لماذا هذا الفرق في التعامل والتصرف بين السياسي والفنان، والجواب واضح: هناك بون شاسع وواضح بين من عمل وقدم وضحى من أجل الوطن والشعب، مسخرا كل طاقاته وخبرته وشبابه، دون النظر للمنافع المادية والشخصية، وبين السياسي الذي فضل مصالحه الشخصية ومنافعه على حساب اموال الشعب ورفاهيته وخيراته.
لذلك فاننا من هذا المنبر، نطالب وندعو الحكومة والمؤسسات الرسمية المعنية الى الاهتمام بالفن والفنانين، وتقديم كافة اشكال الدعم والاسناد لهم، وتوفير التأمين الصحي والاجتماعي والأمني ، والعمل على جلب المغتربين منهم لارض الوطن واقامة الاحتفاليات الكبرى لتكريمهم وذكر إنجازاتهم وافعالهم وما قدموه للبلد طوال مسيرتهم الحافلة بالعطاء والحق دوماً وابداً يقال ان “الفنان العراقي يخدم شعبه ولكن اللصوص يسرقه !” … حقاً انها أضحوكة والسلام لمن يريد السلام للعراق وشعبه.