اعتزل السيد الصدر أم لم يعتزل ، فماذا عن الشعب الذي لم يعتزل ، فهو الجهة الأكثر موثوقية في تسجيل سنوات القحط السياسي والاقتصادي والمعيشي والحياتي بكل صنوفها ، فهو الذي شخص عبر مختلف الوسائل المتاحة ، بأن هذا النظام الذي قيد الحقوق باسم المذهبية والعرقية ، فأنه بالضرورة لم يكن نظاماً شاملاً ، وليس بمقدوره أن يسدد مطالب الشعب ، إلا بعد حدوث هزة توقظه من استرخاءه فوق مصالح وحقوق الناس .
المسألة لم تتعلق بموقف السيد مقتدى الصدر ، وأن كان هو من دق جرس الخطر وطالب بالإصلاح ، ولكن في حقيقة الأمر هي أزمة بين نقيضين ، السلطة وكل تركيباتها من جهة ، والشعب بكل فصائله ومكوناته الاجتماعية من الجهة الأخرى ، وهذا التناقض إذا الان وصل لأبواب الرئاستين الجمهورية والوزراء ، فليس من المضمون أن يتحول الى مصيبة لقضية وطن يصعب تجاوز تبعاتها ونتائجها .
لو هذه القوى على اختلاف منابعها الفكرية وتوجهاتها السياسية ، اجرت استقصاءات ميدانية في كل مناطق العراق تحت عنوان القبول باستمرارية هذا النظام ، أو الخروج منه بنظام عادل وقوي يعبر بشكل اكيد عن قيمة العراق في الكونية ، وبطريقة تضمن الحقوق للمواطنين وتصون أموال الدولة ،
لصار بعد هذا الاستقصاء ، إدراك هذه القوى لضرورة اجراء التغيير في هيكلية النظام وفي السلوك السياسي وفي عمليات النهب المنظم للمال العام ، ولعل البعض يشكك في عملية التشكيلات المافيوية للمال العام ، ولكن لنورد قضية واحدة وهي لم تحدث في ارقى دول العالم وهي _ شخص يملك بيت حديث على قطعة أرض مساحتها 50 مترا في منطقة زيونه وحدد سعرها ب نصف مليون دولار ، وتقدم احد الأشخاص لشرائها ، وفعلا اشتراها ، فهذا الشخص أما تاجر مخدرات أو أحد الأشخاص المافيوين ، فكيف يمكن تضمن لمثل هذا النظام الذي خرج مثل هذه المجموعات أن يكون مخلصا للتغيير ومستعدا لمعالجة أزمات المجتمع .
المهم الوضع العراقي صعب وخطير ، ومسألة كيل الاتهامات لكل حركة جماهيرية ، بدون التفكير بالمعالجة الحقيقية لازمات الوضع الراهن ، فأن الوضع يسير الى طريق يصعب تحديد اتجاهات الانفلات .
أنه بات من الضرورة القصوى ، حل البرلمان واجراء الاتفاق على اجراء الانتخابات ، وبعد ذلك تشكيل حكومة وطنية عابرة للتوصيفات المذهبية والحصصية ، حكومة قوية وطنية تحمل لواء التغيير والبناء ، فهل بإمكان هذه الأطراف أن تمضي صوب خلاص العراق ، أم إنها ستكون في مرمى الجماهير العراقية ، وبالخصوص فقراء العراق الذين احترقت أجسادهم
في الحروب وفي الفقر وفي توزيــــــعات السلطة على المذاهب .