ان الموازنة العامة الاتحادية هي تدخل في صميم العملية السياسية وكذلك في حياة المواطن ان كان موظف او يعمل بالسوق الحر، ان الموازنة تحدد ثلاث أشياء وهي حجم الإيرادات العامة هذا الامر سوف لن يتغير في حال تم إقرار الموازنة ام لا، لكن الجزء الثاني منها وهو الانفاق العام فهو يدخل في صميم الدولة (حكومة وشعب).
فالموازنة ممكن ان نعتبرها اهم مؤشر في تقييم السياسة الاقتصادية للحكومات في العراق من خلال البرامج الانفاقية في الجارية والاستثمارية وفي تنوع مصادر تمويل الخزينة العامة وبالتالي الموازنة العامة الاتحادية.
ان الانفاق في الموازنة الجارية عادة لا تتوقف حتى وان كانت حالة الحكومة كاملة الصلاحية او حكومة تسيير الأمور الاعتيادية اليومية (الدستور العراقي المادة 64 – ثانيا) وحدد طريقة الصرف قانون الإدارة المالية العام في المادة 13 على أولا من قانون الإدارة المالية العام ذي الرقم 6 لسنة 2019 (الصرف بنسبة (1/12) (واحد/اثني عشر) فما دون من إجمالي المصروفات الفعلية للنفقات الجارية للسنة المالية السابقة بعد استبعاد المصروفات غير المتكررة، على أساس شهري ولحين المصادقة على الموازنة العامة الاتحادية) أي يتم الصرف كما تم في نفس الشهر للسنة الماضية.
وهذا يعني ان الجزء الاستثماري متوقف تقريبا الا في حال الاتي:
1 – ان المشاريع مستمرة
2 – وان تخصيصها المالي من العام الماضي موجود
3 – والشرط الثالث هو يكون الصرف بطريقة الذرعة.
وهذا واضح جدا من خلال التقرير الذي نشرته وزارة التخطيط / دائرة المحاسبة قسم التوحيد حول المصروفات الفعلية على المستوى المحافظات والوزارات، وهو شمل الفترة الزمنية منذ بداية السنة أي 1-1-2022 والى غاية يوم 30 من حزيران وكان الانفاق الكلي للجزئين الجاري والاستثماري هو 49.194 تريليون دينار عراقي ، وتقسمت هذا المبلغ بين 45.383 تريليون دينار عراقي على الجزء الجاري من الموازنة بينما الجزء الاخر وهو الانفاق على الاستثماري هو 3.811 تريليون دينار عراقي، وبالتالي تكون نسبة الاستثماري الى حجم الانفاق الكلي للفترة المذكورة انفا هي 7.74 % , أي ان الانفاق على المشاريع الاستثمارية هو هزيل جدا وكان المفروض في الاقتصادات العالمية الناجحة ترتفع فوق نسبة 50 % لا ان تقل دون نسبة 10 %.
للعلم ان نسبة الانفاق على الجزء الاستثماري هو 33 % من حجم الانفاق العام في الموازنة لعام 2019 بينما كان الانفاق الاستثماري لعام 2021 هو 26 % ونلاحظ حجم الفرق الكبير بين تلك السنين وهذا العام.
هذا الان لكن في السنة القادمة وفي ظل هذه الظروف المضطربة سياسيا والتي تنذرنا بتخبط سياسي وعدم استقرار الامن والذي سينتج عنه عدم إقرار موازنة عامة أيضا، وهذا سيعني ان نسبة الانفاق من الموازنة العامة الاتحادية في الجزء الاستثماري هو صفر بالمية (0 %) لان الشروط الثلاث التي ذكرها قانون الإدارة المالية لا تنطبق وهذا ينتج كساد كبير وبطالة.
التجأ أصحاب القرار في الحكومة الحالية (حكومة تصريف الاعمال اليومية) لاتخاذ طريق اخر من الممكن ان يقللوا شيء من ضرر عدم إقرار الموازنة العامة الاتحادية بتشريع قانون الامن الغذائي الطارئ، للعلم ان هذا التشريع هو غير دستوري (لان الحكومة هي حكومة تصريف اعمال المادة 64 ثانيا، ولا صلاحية لها بتشريع القانون) وغير قانوني (لأنه مخالف للنظام الداخلي لمجلس النواب وهو عدم صلاحيته في تشريع القوانين ذات الجنبة المالية).
نعلم ان قانون الموازنة العامة او قانون الامن الغذائي هو لا يدخل حيز التنفيذ الا في حالة تم نشرة بجريدة الوثائق الرسمية وكذلك اصدار تعليمات تنفيذ الموازنة العامة الاتحادية او تعليمات تنفيذ قانون الامن الغذائي الطارئ، وبالفعل تم اصدار تعليمات تنفيذ قانون الامن الغذائي الطارئ في اعمام وزارة المالية بكتابها المرقم 24559 بتاريخ 14/8/2022 وبالتالي أصبح حيز التطبيق.
مما سبق، نستنتج ان مبيعات البنك المركزي من الدولار يجب ان ينخفض للأسباب التالية
1 – عدم وجود موازنة وبالتالي لا توجد مشاريع استثمارية وبالتالي يقل التعامل بالدولار.
2 – وجود كساد كبير في السوق نتيجة التخوف من الاضطراب السياسي الكبير وخصوصا بعد دخول المتظاهرين لبنايات الرئاسات الثلاث وبالتالي اقتصر الشراء للمواطن على الأشياء الضرورية مثل الاكل والملبس للمدارس وبعض الحاجات الأخرى. وبالتالي ان عمل التجار هو أيضا سبة متوقف وهذا يقودنا أيضا الى وجوب انخفاض المبيعات لا ارتفاعها.
الخلاصة
1 – بقاء البيع يجعلنا نتوقع ان الحكومة توسعت بالانفاق فوق ما حدده قانون الإدارية المالية
2 – ان عمليات غسل الأموال وتهريب العملة الان ارتفع اكثر من الأعوام السابقة، لان الأعوام السايقة توجد مشاريع استثمارية وتوجد حركة بيع وشراء في السوق ورغم ذلك كان مستوى بيع العملة اليومي هو بحدود 220 مليون دولار.
والان لا توجد مشاريع ولا توجد حركة في السوق بل يوجد كساد ورغم ذلك ارتفع البيع الى 270 مليون دولار يوميا.
وبالتالي يجب على المتظاهرين الذهاب والاعتصام امام القضية الأولى في قصة فساد العراق الا وهو مزاد العملة الأجنبية في البنك المركزي العراقي.