لا‭ ‬مزاج‭ ‬لكتابة‭ ‬قصة‭ ‬الليلة‭ . ‬حصاة‭ ‬لعينة‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تلبط‭ ‬بمثانتي‭ ‬صحبة‭ ‬التهاب‭ ‬حاد‭ ‬بعصب‭ ‬نائم‭ ‬تحت‭ ‬طاحونة‭ ‬الفك‭ ‬الأسفل‭ . ‬الزقاق‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬قد‭ ‬شهد‭ ‬تبدلات‭ ‬دراماتيكية‭ ‬مؤثرة‭ ‬أشهرها‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬الزيادة‭ ‬المروعة‭ ‬بمساحة‭ ‬الصلع‭ ‬الذي‭ ‬أصاب‭ ‬قمة‭ ‬رأس‭ ‬جارتي‭ ‬المسالمة‭ . ‬الجارة‭ ‬بيضاء‭ ‬محدودبة‭ ‬عمرها‭ ‬بباب‭ ‬السبعين‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬الصنف‭ ‬الذي‭ ‬يكره‭ ‬القطط‭ ‬،‭ ‬حتى‭ ‬أنني‭ ‬وجدتها‭ ‬يوماً‭ ‬متلبسة‭ ‬بضحكة‭ ‬مكتومة‭ ‬على‭ ‬منظر‭ ‬قطة‭ ‬فقدت‭ ‬ذيلها‭ ‬وساقها‭ ‬وعينها‭ ‬بواقعة‭ ‬دهس‭ ‬مريبة‭ ‬،‭ ‬لكنها‭ ‬ظلت‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬الزقاق‭ ‬وتتشاجر‭ ‬مع‭ ‬أخياتها‭ ‬على‭ ‬بقايا‭ ‬زفر‭ ‬ينبعث‭ ‬من‭ ‬حلق‭ ‬حاوية‭ ‬الزبل‭ .‬

لم‭ ‬أكره‭ ‬جارتي‭ ‬أبداً‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬تشبه‭ ‬السيدة‭ ‬نبوية‭ ‬زوجة‭ ‬عبد‭ ‬الغني‭ ‬قمر‭ ‬بمسلسل‭ ‬مصري‭ ‬عتيق‭ ‬نسيت‭ ‬اسمه‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬وجهها‭ ‬الفأري‭ ‬هو‭ ‬الأقرب‭ ‬إلى‭ ‬مصباح‭ ‬مدخن‭ ‬سينطفىء‭ ‬بعد‭ ‬قليل‭ .‬

سأتسلى‭ ‬قليلاً‭ ‬بالوجع‭ ‬وأكتب‭ ‬وصيتي‭ ‬وأجعلها‭ ‬مثل‭ ‬مرثية‭ ‬مبكرة‭ ‬لموت‭ ‬مؤجل‭ :‬

إن‭ ‬متُّ‭ ‬غداً

دعوا‭ ‬باب‭ ‬قبري‭ ‬مفتوحاً

فقد‭ ‬أعود‭ ‬ثانيةً‭ ‬

كي‭ ‬أطمئن‭ ‬على‭ ‬خبز‭ ‬العائلة‭ .‬

يا‭ ‬إلهي‭ ‬،‭ ‬لقد‭ ‬قتلني‭ ‬هذا‭ ‬المقطع‭ ‬الوغد‭ ‬،‭ ‬لذلك‭ ‬سأستبدله‭ ‬بزخة‭ ‬حروف‭ ‬رحيمة‭ ‬تمطر‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬بائع‭ ‬الترمس‭ ‬والذرة‭ ‬المسلوقة‭ . ‬كان‭ ‬رجلاً‭ ‬ستينياً‭ ‬ينادي‭ ‬على‭ ‬بضاعته‭ ‬الفاترة‭ ‬بصوت‭ ‬مؤثر‭ ‬جميل‭ ‬،‭ ‬وكنت‭ ‬أحب‭ ‬طريقته‭ ‬الماهرة‭ ‬في‭ ‬تقطيع‭ ‬عرنوس‭ ‬الذرة‭ ‬وتقديمه‭ ‬للزبون‭ ‬على‭ ‬طبق‭ ‬من‭ ‬ورق‭ ‬كتاب‭ ‬الحساب‭ ‬المستعمل‭ ‬بمدرسة‭ ‬نؤاس‭ ‬وعلي‭ ‬الثاني‭ .‬

ريح‭ ‬خفيفة‭ ‬ومنعشة‭ ‬بدأت‭ ‬تنشط‭ ‬الآن‭ ‬بباب‭ ‬الفجر‭ . ‬كيس‭ ‬أصفر‭ ‬سقط‭ ‬بشرفتي‭ .‬

الكتابة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬حلاً‭ .‬

جارتي‭ ‬نسيت‭ ‬قنديل‭ ‬الحوش‭ ‬مضاءً

والقطة‭ ‬العرجاء‭ ‬تلعق‭ ‬بقايا‭ ‬ذيلها‭ ‬العزيز‭ .‬

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *