بقلم| محمد الكلابي

رفيقي العزيز

لم نلتقي منذ مدة، أيها الفائز الخاسر، أشتقت إليك حقاً لم أفكر فيك في الفترة الماضية، كنت أفعل كل شيء لأهرب من وجودي، والان أفعل كل شيء لأهرب من وجودي وعدمك، لليوم و أنا لا استطيع تقبل فكرة أنك رحلت، لا أحد منا تقبل الفكرة الى الان، حتى الأصدقاء حين أسألهم يجيبونني بأنهم يحلمون أنك تخدعنا، وأنك ستباغتنا على حين غرة وتظهر، هكذا، من العدم، ستأتي مجددا من المكان الذي اعتدته، كما كنت تحلم، بالمكوث هناك، على عكسي، أنا الذي كنت أحلم بأن أعيش معك في أي مكان، كانت هيئتك تخلق لي نوعا من الراحة، ووجودك بقربي يطمئنني، عشنا بأحلام متضاربة، وحين أخبرتك أنك محظوظ جدا على العكس مني أنا (الفگر) الذي يحمل حظ الأمهات الثكلى أكدت على جملتي وضحكت، لكنني لم افكر يوما انك ستكون محظوظا بالموت ايضا، كان ورقتي الرابحة، لكنك وكما عادتك سرقتها مني كبقية أشيائي التي اعتدت سرقتها، بل انك سرقت حياتي يا وضيع، لقد دفنتني حيا، وانت تضحك، حتى في موتنا تضحك.
أذكر أيامنا الخوالي، والتي كانت قليلة مقارنة بما يجب ان نعيشه معا، كنا نهتم ببعضنا وكأننا سادة العالم، ورغم العلاقات الجمة التي مررت بها من أصدقاء وصديقات، لكن أحدا لم يستطع ان يعوضك، اريد أن اخبرك هنا والان رغم محبتي: لكنك ستنسى كأنك لم تكن، هذه هي الحياة المرة التي يجب ان تعاش، لقد نسيك الاحباب والاصحاب  ولست الان -بالنسبة لي- سوى مادة للكوميديا السوداء، مثل ما أردنا، مثل ما سخرنا من وجودنا أبدا.
أجلس طوال الوقت أمام شاشة حاسوبك الذي أكتب منه الان، محاولا كتابتك ولا اشتهي ذلك لأني قررت الهروب منك، لكني تعبت.. تعبت السفر، أشعر أني كهل عاجز قضى معظم حياته راكضا حتى استنزف قواه، وهذه آخر أيامه، أيها الفائز فقط أيها المحظوظ، لقد خنتني، لقد تركت لي كل شيء، ولا شيء.
ان الكلام يطول، لو اردت ان احكي فلن تسعني موسوعات العلم، لكن الوسائل الان تفرض علي ان اختصر، ألا أثرثر، لدي منها الكثير، انت اعلم بها، فأنت الوحيد الذي ثرثرت له. ان اكثر ما يؤلمني في غيابك هو شعور كوثر و رفل  ، لأنني اعلم تماما اني ما حاولت فلن أملئ مكانك، لأني لم استطع ان أملئه لدي..
“اذا لم تكن مطرا يا حبيبي فكن شجرا
كن شجرا مشبع بالخصوبة
وان لم تكن شجرا يا حبيبي
فكن حجرا، مشبعا بالرطوبة.. كن حجرا
وان لم تكن حجرا يا حبيبي
فكن قمرا في منام الحبيبة، كن قمرا
هكذا قالت امرأة لابنها في جنازته”
صدقني، لو امتلكت سحر القدرة على اعادتك الى هذه الحياة فلن أفعل، لقد تخلصت لتوك من الجحيم فكيف لي ان ارجعك اليه؟! مهما كنت، فلن افعل..
أحبك، يا زهرة لوز..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *