هُيّئ لك أنك أنت من يشغل قميصك
وأنك تشمّر عن ساعدين لم تسفعهما شمسٌ
ولم يُنصبْ موقدٌ لشيّهما
لم يخبرْك أحدٌ كيف احترقا
وهوى دخانٌ كثيفٌ وأتربةٌ
وملاقط غسيلٍ وأرحامٌ مقطوعةٌ
ولَبِنات ماؤها رامَ ثم مارَ في الكثيب
الجيئة للزبد والرحيل للرمل
ولك الانتظار

راقبتَ قطرات العرق المتجمّدة تشقّ مساماتهما
تجرف صدأً تراكم فوق الأغلال
خسرتَ مسالك كنت تظنّها لك

كفّان تلوّحان، لم يجرِ نهرٌ من بين أصابعهما
ولم يلهوا بكوكبٍ مارقٍ على مائدة الملل المنصوبة بينهما

الأبواب لم تلحظْ غزاةً يتخفّفون من أسلحتهم
يفرغون النّهر في كؤوس من الأسلاك الشائكة
جنود العدو البيض يسبحون نحوك
في عتمةٍ تستوطن رأسك
ينصبون المقصلة على اليابسة
عليك أن تصاب بالعمى أولاً
كي ترى لمعانها للمرّة الأولى

أنتَ عدتَ أنتَ منذ برهةِ
كنتَ بعيداً عنك
قبل أن تدنو إليكَ بين جحافل الفولاذ المصقول

الديدان تلتهم جثّة المعول الملقاة على الصخر
أنتَ لم تعدْ أنت
حريٌّ بك أن تبتعد ثانيةً
تريّث قليلاً ريثما يخرج موكب المعزّين
لعلّك تندسّ بينهم وتعوون جميعاً بسعادةٍ وبطء

عرائش الدّم تختلط بعروق الأبنية المتداعية
ودمك أنت يلتقي بأناك في الأراضي الغريبة
لا يعكّر صفوك سوى صخب الكواكب الراقصة
وقداسة الموتى والغائبين على الألسنة المثرثرة

قف على الصخرة واجمع حولك الأخيلة
مدّ يديك بالحنطة والكلمات الزغباء
ثمّة أفواهٌ تتحرّك وثمّة أجسادٌ تحلّق
خرقٌ ورؤوسٌ بيضاء مرفوعةٌ على جدار الغيم الأسود
جبالٌ تبتلع ثعالبها والشموس الشاردة
أنّى يأتي كل هذا الضباح؟
أين يذهب المطر؟

 

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *