فاذا جئنا للشعر الحديث المتحرر من القيود ، والذي يقوم على فهم جديد للوزن والقافية ، وجدناه خارجاً على « العمود » من حيث الاستعمالات اللغوية ، ذلك أن « الشعر الحديث » واريد به شعر الشبان الذين سلكوا نهجاً جديداً كالحيدري والسياب والبياتي والملائكة ، ، قد جاء بلغة جديدة أصولها عربية ودلالاتها جديدة ، وهذه الجدة يقتضيها الفهم الجديد للفن وسأتي على هذا الموضوع غير أن شعر هؤلاء لا يخرج على المعايير التي اشار اليها المرزوقي التي يسير فيها « عمود الشعر » ، وعلى هذا فشعر هؤلاء الشبان المجددين لم يخرج على العمود ، على أن صفة الخروج وعدمه ليست لازمة ، ذلك أن هذه المسألة تتعلق بمقدار ما يصيب الشاعر من قواعد الفن .
ومن هنا فعبارة « الشعر العمودي » قاصرة وهي لاتؤدي الى المقصود بها والمراد منها ، ومن شرائط المصطلح الفني أن يستوفي الضبط والدقة .
قلت إن للشعر الجديد لغة جديدة أصولها عربية ودلالاتها جديدة ، وهذا شيء طبيعي في أدب جديد له مفهوم جديد ، فاللغة مادة متطورة ومتجددة مادامت حياتنا التي نحياها متطورة متجددة ، والتجدد والتطور ضربة لازمة في هذا الحياة ، والتعبير الشعري كما يقول احدهم جزء من الحالات النفسية والشعورية ، وهي مسألة انفعال وحساسية وتوتر ، ويعود جمال اللغة في الشعر الى نظام المفردات وعلاقاتها بعضها ببعض ، وهو نظام لا يتحكم فيه النحو ، بل الانفعال او التجربة ، ومن هنا كانت لغة الشعر لغة ايحاءات..