منذ اكثر من ثمانية عشر عاما شاهدت آخر فراشة.دخلت اقصد الفراشة الى صيدلية صديقي وتوجهت اليّ,ثم قررت ان تحط على رجلي اليسرى فلم اتحرك.بالتاكيد كانت فراشة تعيسة تبحث عن زهرة او حديقة.قلت لصديقي:انا رجل الفراشات.وفرحت لاني تخيلت نفسي وردة متفتحة والا كيف تقف فراشة على بنطلوني الكاوبوي العتيق.هذا حدث واقعي عشته قبل اعوام.ونا زلت اتذكره واقنع نفسي بأنني متصوف تعرف الفراشات فقط سره الداخلي. قبل ايام ظهرت فراشة بيضاء في حديقة البيت الصغيرة.سحر منظرها ابني الصغير قال بابا اصيدها,قلت له لا.وتذكرت اعوام طفولتي الغبية حين كنا نصيد الفراش بشبكة تربط بما يشبه مضرب التنس.الى الان اتذكر الوان اجنحتها التي تشبه مكياج النساء.الوان طبيعية تنسحق تحت اصابعنا نحن جيل ثورة انتهت كليا عام 2003.اظن ان ما جذب هذه الفراشة البيضاء هو اغصان الجهنمية بوردها الابيض والبنفسجي.كانت هذه الاغصان اغراء لم تقاومه هذه المخلوقة اليتيمة التائهة في مدينة بلا حدائق.راقبتها وهي تقف على زهرة.وفكرت كيف لم تصبح بغداد جنة خضراء.في السياسة لا وجود لمنظر فراشة تطير.السياسيون يدققون في مجدهم ومكياجهم السياسي قبل كل شيء.أما دورة الطبيعة وضياع فراشة في صيدلية فهذا ترف رومانسي لا يصنع بلدا,ويطوره.وكما انني احمل بحزن ذكرى الوان اجنحة الفراشات التي كانت تصبغ اصابعي فان السياسي يعرف كيف يتخلى بسهولة عن دم 800 قتيل قتلوا في انتفاضة تشرين دون ان نعرف قتلتهم.انا اتساءل:ايهما اكثر قسوة لون اجنحة الفراشات أم نهر دم اريق بسبب مطالبة اولئك الشباب لحقوقهم.؟
انا اعتذر من كل فراشة سحقت جناحها بسبب نزوتي الصبيانية.اعتذر من كل عصفور اسقطته “بمصيادتي” المجرمة.