بعد انسداد سياسي مُحكم، دخل فيه البلد في عنق زجاجة شديد الضيق، استمر لاكثر من عام، شهدنا فيه الكثير من الاحداث، التي جعلتنا نضع ايدينا على قلوبنا، خشية ان ينكسر عنق الزجاجة، وتذهب مسارات الاحداث بعيدا نحو منزلقات خطيرة ومرعبة، ولكن الله سلّم .
اقول، بعد ذلك الانسداد وما رافقه ونجم عنه من تداعيات، فُرجت الازمة، وقد تمثل هذا الانفراج بولادة حكومة جديدة، برئاسة المهندس محمد شياع السوداني، الذي تمكن من تقديم كابينته الوزارية في بحر اسبوعين من تاريخ تكليفه، وهي المدة الاقل التي ينجح فيها رئيس وزراء مكلف من اختيار وزرائه بالمقارنة مع رؤساء الحكومات السابقين، وهذه السرعة، تعطينا املا في ان تتمكن حكومة السيد السوداني من المضي بسرعة، في تفكيك الملفات الشائكة والمعقدة، التي تضمنها البرنامج الحكومي، الذي بدا شاملا وطموحا.
ومن المؤكد ان الخبرة والحنكة والمعرفة الواسعة التي يتوافر عليها السيد رئيس مجلس الوزراء، والتي مكنته من اختيار وزرائه بعناية، ستمنحه القدرة المناسبة لتنفيذ ما احتواه البرنامج الحكومي، بنحو يتناسب وظروف البلاد التي تواجه مشاكل كثيرة ومعقدة، في جميع المفاصل تقريبا، السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية، وتحت كل عنوان من هذه العناوين ثمة ملفات واشكالات كثيرة وكثيرة جدا..
وقد جاءت الحكومة الجديدة ولم يتبق من هذا العام سوى شهرين فقط، وهنا سيكون التحدي الابرز امامها هو الانتهاء من اعداد موازنة العام المقبل، بعد ان مر هذا العام من دون موازنة، الامر الذي اربك المشهد، في وقت تحصّل فيه البلد على الكثير من الايرادات التي مثلت فائضا ماليا جيدا، لو استُثمر بنحو سليم لكانت له اثار ايجابية في حياة الناس، ولذلك فان الموازنة المقبلة ينبغي ان تكون مختلفة عن سابقاتها من جهة التحول نحو البرامج، وهنا افترض ان موازنة العام المقبل لن تتأخر ابعد من شهر كانون الثاني، مع وجود مجلس نواب يبدو من المقدمات انه منسجم مع الحكومة وداعم لها، والتصويت على الكابينة والبرنامج الحكومي كان مصداقا لذلك، فضلا عن الدعم الدولي الذي حظيت به الحكومة الجديدة..
اما الملفات الاخرى التي اشرها البرنامج الحكومي، فلن يكون تفكيكها ومعالجتها سهلا، ولكنه ليس مستحيلا، في ظل التحديات الشاخصة في ثنايا المشهد العراقي..ملفات المياه، والنفط، والفقر، والبطالة، والعشوائيات، وشبكة الحماية الاجتماعية، التي يجب ان تتحول من الدعم الى التمكين، وملفات الكهرباء، والغاز، والتعداد السكاني، وتنمية الاقاليم، والمشاريع المتلكئة، والمستمرة، والخدمات، والزراعة، والصناعة، والمنافذ، والقطاع الخاص، والانفاق الاستهلاكي، والشباب، والرياضة وخليجي ٢٥، والامن، والسلاح المنفلت، والفساد، واعادة الاعمار، وسوى ذلك الكثير، وهذه كلها وغيرها، تستدعي من حكومة السيد السوداني، ان تركض ليل نهار بإداء مؤسسي محكم، من اجل تحقيق ما تعهدت به ضمن البرنامج الحكومي خلال سنة واحدة، بعد ان حدد البرنامج ان الانتخابات المحلية والبرلمانية، ستجري خلال السنة الاولى من عمر هذه الحكومة، لتأتي حكومة جديدة، وفقا لنتائج الانتخابات.. وهنا يأتي السؤال الكبير، هل ان سنة واحدة كافية لتتمكن هذه الحكومة من اداء كل هذه الالتزامات؟
املنا كبير في تحقيق نسبة نجاح مقبولة في ظل تحديات هائلة يمور بها المشهد العراقي.
—–

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *