هو نفسه جاسم أبو اللبن، الذي وجه رسائل سابقة الى رؤوساء وزراء حال تسنمهم مهام عملهم، خاطب حيدر العبادي وعادل عبدالمهدي، ولم يُخاطب الكاظمي ؛ ظانّاً أن حكومته لن تكون لها مهام أكثر من الإعداد للانتخابات، لكنه وجدها تستمر الى أكثر من ثلاث سنوات، وفيها أصعب المخاضات والصراع وإراقة الدماء، وصولاً الى ان جملة تعيينات دون صلاحيات، وكشف أكبر ملفات فساد، والحكومة طرفاً بضعفها أو تغاضيها أو إهمالها.
جاسم الذي حول مهنة بيع اللبن، الى بيع الجوارب والأحزمة، في حين لا يلبس معظم شبابه جوارب وأحزمة، ولا أحد يشرب اللبن بوجود المستورد، فكيف يعيش جاسم الذي تأثر هو الآخر برفع سعر الدولار الذي لم يدخل جيبه مرة في التاريخ.
يخاطب هذه المرة جاسم قادة الإطار، بوصفهم مَنْ شكّل الحكومة أو نواتها، ويرى أنهم أمام مسؤولية كبيرة أو مصير إن لم تنجح الحكومة، وقيل عنها فرصة أخيرة، وعليهم اعتبارها فرصة مثالية للنجاح، وهم بتجمع برلماني يقترب من نصف المقاعد، وحكومة أحسنوا اختيار رئيساً لها نظيف اليد، وأحزاب اختارت وزراء منها كي تتحمل المسؤولية مباشرةً.
الإطار خلاصة أحزاب تجمعت وتفرقت وتصارعت واتفقت إعلامياً وإلكترونياً؛ جمعتهم مصلحة مشتركة كانت مهددة برحيل مقعد من تجمعهم، وصار فضل المقعد كفضل وجود من عنده مقاعد عديدة، ووُضعوا أمام ضغط شعبي ودستوري، وحملوا ما عليهم وما على غيرهم، لكن كل التبريرات لا تعفيهم من تحمل الجزء الأكبر من تلكؤ وفشل وفساد الحكومات السابقة، وإن تقاسمت فيها القوى وصولاً الى عامل النظافة، والشارع حمّلهم المسؤولية لكونهم يمثلون الجزء الأكبر من المسؤولية التنفيذية والبرلمانية، كما يسألهم عن أخطاء كارثية ارتكبها الشركاء في العملية السياسية.
يقول جاسم إن جمهوركم يراهن على نزاهة السوداني، وشعوركم أنكم على المحك والاختبار، حتى أن مواطنًا حدثني عن أمنياته وما تسرب لمسامعه، فقال أن الحكومة ستعطي لكل مواطن مليون دينار لكل عائلة، وتوقعها عند استرداد أموال سرقة القرن، أو من الفائض المالي لأسعار النفط، وآخرون تمنوا إعادة فروقات البطاقة التموينية، ومنهم من احضر لرفع خط المولد الأهلية بعد حل مشكلة الكهرباء، وقال آخرون سوف لن نحتاج المدارس الأهلية التي تستنزف هي الاخرى من قوت العائلة، بعد تحسن الواقع التربوي، كما ظن المتقاعدون والمشمولون بشبكة الرعاية الاجتماعية من مضاعفة رواتبهم، وتوزيع قطع أراضٍ مخدومة وبقروض بدون فوائد، وجملة من المطالب لا تتحمل التأجيل ينقلها جاسم أبو اللبن.
إن جاسم أبو اللبن، من بين ملايين العراقيين، الذين لا يملكون داراً ولا مصدرَ عيشٍ ثابتًا، ولم يهرج يوماً حتى يصبح مستشاراً في حكومة، وكل همه تحقيق مصلحة الجماعة كي تعود عليه كفرد، ويترقب تحالفًا يسند حكومة لا تتنظر تصورات حاجة العالم للطاقة ولابد للعراق أن يكون مستقراً في ظل الظروف العالمية، يأمل أن يكون تحالفاً على قدر المسؤولية ينطلق من الداخل الى الخارج.
يرى جاسم أن الحكومات السابقة حكومات يتيمة الأبوين، كل الأطراف تشترك فيها ولا أحد يتحمل مسؤوليتها، وآخرها حكومة عادل عبدالمهدي التي تجاوزت الكتلة الكبرى في المادة 76 من الدستور العراقي، كما يرى أن الكتلة الأكبر لابد أن ينظمها الإطار التنسيقي، ويشكل منها هيئات لاتخاذ القرار ووحدة القرار ، وتعضيد عمل الحكومة ومراقبتها، وجهات سياسية وإعلامية ولجان في كافة المجالات والاختصاصات، تستطيع أن تبلور القرارات بعد الدراسة، ويرى جاسم أن بقاء الإطار دون تنظيم نفسه، سيجعله متضارب الأفكار والقرارات، ويراهن فقط على رئيس الوزراء دون وجود أدوات تساعد نجاحه، مثلما تراهن أطراف على مكاسب من وجودها في السلطة، فيغيب الانسجام الحكومي الذي هو من أهم عوامل نجاحها، جاسم يعول كثيراً على حكومة السوداني، لكنه يرى أنها ستقع بالمأزق نفسه أن لم يكُن الأطار تحالفاً.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *