يا لهم من لصوص محترفين استبقوا غيرهم من اللصوص بمكرهم ودهائهم .
كان اللصوص من قبل يستترون بظلام الليل ، أما لصوص اليوم فهم يمارسون لصوصيتهم جهارا وفي وضح النهار ، كان لصوص الأمس من المعدمين يدفعهم شظف العيش الى سرقة ما يقع في أيديهم ، الا أن لصوص اليوم يتبوأون مواقع مهمة في الدولة ليسرقوا ثروة وطن من غير أن يترصد لهم أحد وغير خائفين من عقاب .
انه الفساد في أبشع صوره ، انه الفساد ينشر ظلاله في كل ركن وفي كل زاوية تتزعمه طبقة من المترفين الذين ارتضوا لأنفسهم المال الحرام لاشباع نزوات لا تنتهي ، وهم بذلك أضحت حياتهم أشبه بحياة السلاطين الذين غرتهم عروشهم ليلحقوا الأذى برعيتهم .
ومع هذا وذاك فقد سقطت بقية الحياء من وجوههم ان كانت لهم هذه البقية .
الرعية تعرفهم بأنهم لصوص غير أنهم لا يكترثون وكأن السلطة التي بأيديهم تبرر لهم جريمة سرقة ثروة وطن .
انه من المؤلم حقا في مجتمع فقد توازنه أن يكون لهؤلاء حظوة عند البعض مع نفوذ وامتيازات في وقت كان يجب فيه أن يكون القصاص هو كلمة الفصل في شأنهم ليكون ذلك رادعا لمن تسول له نفسه بسرقة مال عام أو خاص .
ان العلاج لمثل هذه الجريمة أن تقطع أياديهم ليكونوا عبرة لغيرهم غير أننا تركنا الحبل على الغارب ليكون وطننا عرضة للضياع ، كما أنه من المؤلم أيضا أنه يقابل مثل هذه الفئة الضالة المنحرفة أعداد هائلة من الجائعين والتعساء الذين غبنوا وسرقت حقوقهم ، لأن اللصوص المحترفين لم يبقوا لهم شيئا بعد ذلك الاغتصاب الوحشي لموارد الدولة .
أية مأساة ! بل أية مهزلة !
انها وصمة عار يندى لها جبين كل من يخون وطنه ليظل الوطن في آخر الركب من الحضارة بعد أن استنزفت أمواله وبددت في مشاريع وهمية كاذبة .
ليت شعري لو أنا استثمرنا مثل هذه الأموال الطائلة التي تدر بها ثروتنا النفطية لبنينا وطنا يعلو كل وطن وأقمنا صرحا ليس مثله صرح ، غير أنه قدرنا هو الذي أودى بنا الى هذا الحضيض .
وبسيرة هؤلاء اللصوص أصبحنا أضحوكة لكل من هب ودب .
ألا ترى معي أنه آن الأوان لأن نضع حلولا جذرية نقطع بها الأيدي التي تسرقنا ونقطع رقاب من سقطت ضمائرهم بمثل تلك المقصلة التي قطعت رأس لويس السادس عشر وأمثاله من الفرنسيين الملوثة أياديهم بجرائم كبرى .