تمضي الأيام، ولا أقول الشهور والسنوات، وحيرة العالم تزداد شدة أمام ظواهر التغير المناخي التي بات أثرها السيء واقعاً فعلياً على الغني والفقير من دول العالم، لكن بدرجات متفاوتة. الدول الفقيرة والمعرضة لظاهرة تغير المناخ قليلة الحيلة والامكانات وهي تواجه عواصف مميتة وموجات مرعبة من الحر والجفاف والفيضانات، والدول الغنية سبب إضافي في زيادة التلوث بحكم الطاقة الصناعية العملاقة لديها.
بعد محطة باريس في العام 2015 ثمّ غلاسكو، يجيء دور دولة عربية كبيرة هي مصر لتنظم مؤتمر المناخ – كوب27- وقد أصبحت المواجهة مع الأوضاع المناخية المتقلبة أمراً واقعاً، وانّ الدول تواجه حقيقة ماذا فعلت وماذا لم تفعل لإنقاذ نفسها أولاً قبل الاخرين ازاء تسارع الزمن في التغييرات المقلقة.
هناك مطالب بمواصفات دولية تريدها الأمم المتحدة من البلدان كافة في تقليل نسبة انبعاث الغازات الثقيلة للسيطرة على التلوث أولاً، ذلك التلوث الذي اغلق اليوم مدارس احدى أأكبر العواصم في العالم لشدته، إذ اتخذت الهند قراراً فورياً بإيقاف الدوام في مدارس العاصمة نيودلهي حتى تنخفض درجة التلوث. في الدول العربية لا توجد قرارات من هذا النوع لأنّه لا تعلن درجات التلوث وطرق قياسها والوقاية منها، كما حال اعلان درجات الحرارة والبرودة والرطوبة، فمصر تعاني من نسبة تلوث كبيرة بحسب تقارير دورية لكن الدولة لا توقف مجالات عملها لهذا السبب، وهي معنية بمسألة المناخ كثيراً ولها موقع دولي كبير من خلال استضافتها هذا المؤتمر في منتجع شرم الشيخ.
في العراق تتضح مشكلة المناخ على نحو مقلق جدا في الجفاف الذي يضرب بحيرات ومسطحات مائية شاسعة ويقتل معها الحياة البيئية المتنوعة. في وضع العراق الذي مهما قلّت نسبة المياه الواردة الى نهرَي دجلة والفرات المارين في خلال أراضيه، فإنّ فرص استغلال المياه في مواسم الوفرة تبقى ممكنة وقابلة لتطوير الخزين المائي، وهذا ليس أمراً خاضعاً لرد فعل آني، فقد جرى الحديث طويلا عن التماهل والتقاعس في إقامة سدود جديدة قبل خمسة عشرة عاما في الأقل، لكي تكون عوناً للواقع الزراعي الذي سيكون في مقدمة ضحايا المناخ.
ينبغي ان لا تذهب قطرة ماء واحدة من دجلة والفرت الى المصب البحري هباءاً منثوراً، ونحن في أمس الحاجة للمياه. قطرة الماء الواحدة مصيرها مرتبط بمدى حسن التصرف الحكومي والشعبي معها.
أمّا المجالات الأخرى لتقليل الأثر السيء للتلوث، فأوّلها حقول النفط المتاخمة للتجمعات السكانية لاسيما في البصرة والجنوب. والقائمة تطول، والمسألة لا تخص اهتمامات وزارة بعينها في البلد، وانما جميع الأنشطة والفعاليات لكي نواكب بعض إجراءات الحد من اثار التغير المناخي. فماذا عملنا الى حد الآن سوى تصريحات تقلد ما يقال في دول أخرى؟