لا ماضٍ لي
لا ذاكرة لي!
كنتُ أردد وسط دموعي وخوفي!
كل ما لدي بِضعُ ذكرياتٍ معدودةٍ أتمسك بها وكأنها كل ثروتي
كان لديَّ طموحٌ كبيرٌ بصنع المزيد منها، ولكنَّ الغربة ابتلعتني لأعماقها المظلمة، حيث الجدران الكثيرة
التي تحجبني عن الأعين
وتحجب جميع الأعين عني
أنا اللا أحد
أنا اللا موجودة في الحاضر منزوعة الذكريات، محطمة الفؤاد!
فكرت:
ماذا لو عدتُ للوطن للقاء ذكرياتي القليلة؟
تذكرت حجم الفاجعة وابتلعتُ الفكرة مُختنِقةً بها، وبكيت!
لا مكان لي في الوطن!
لا ملجأ لي هناك ولا مخبأ!
الأصدقاء، منهم من تغيَّر وتغيَّرَت حياته، ومنهم من نسي منذ أول لحظةٍ خطوتُ بها خارج الوطن!
لا ماضٍ لي ولا ذكريات!
عدتُ لتكرارها بمزيدٍ من الأسى، وكثيرٍ من الألم
أنظر للجدران حولي
تستفزني تلك الجدران
تثير رغبتي لتحطيم المكان وتحويله للعدم!
قد تتحول الأماكن لفكرةٍ داخل رأسٍ معطوب الذكريات،
مجرد خيالٍ يأخذ صاحبه ويأتي به حيث يشاء، واهِمًا إياه بأنه يجمع ذكرى
ويصنع حياةً تلو الأخرى!
داخلي ذلك المكان، رأسي مصنع ذكريات خيالية!
أعود وأفكر:
ماذا لو عدتُ لوطنٍ لا مكان لي على أرضه؟
ستكون خيبتي بحجم الكونِ وأكبر، وأنا لا طاقة لي على حمل خيبة بحجم حبة فاصولياء صغيرة!
سأتمنى لو أني لم أفكر بالعودة، سأندم، وأنطفئ من فرط القهر، وسأحب جدران غربتي!
سأشتاقها وأرغب باحتضانها وتقبيلها، وسأتقبَّل خنقها الدائم لي!
وسأبتلع رغبة بالعودة إلى وطنٍ لا مكان لي فيه، وأنشجُ بكاء مكتومًا وأصمت.