من الجيد التفاتة هيئة النزاهة ودعوتها إلى تعجيل العمل بجواز السفر الالكتروني، ذلك أن مثل هذا التحول يشكل خطوة في نقلنا إلى العالم المعاصر الذي حرمتنا منه الحروب العبثية وما تلاها من حرب الفساد وعدم الكفاءة ضد الشعب العراقي.
ومن الجيد أن تتوخى مديرية جوازات السفر، وفقاً لما ابلغني به مدير عام الجوازات اللواء ماجد عدنان الهيازعي أن يكون تسديد رسوم إصدار الجوازات عبر بطاقات الأئتمان والوسائل الالكترونية للخدمات النقدية، فمثل هذه الخطوة تتماهى مع مطلب هيئة النزاهة بشأن جواز السفر الالكتروني، من أجل أن تكون وثائقنا أقرب إلى ما صار معهوداً في العالم وكيفية تسديد الرسوم المستحقة للدولة.
كما أن التسديد الالكتروني سيحرر المواطن من الجباية الجائرة التي يتقاضاها مصرف الرافدين لقاء إصداره صكاً مصدقاً إلى مديرية الجوازات العامة، فالمبلغ المطلوب للجوازات هو 25 ألف دينار، وهو رسم قد يكون مقبولاً بحكم قيمة “دفتر” الجوازات ومواصفاته الفنية، لكن الشيء غير المقبول هو تقاضي الرافدين ما يزيد على 50 بالمئة من قيمة رسم إصدار الجواز مقابل إصدار ورقة واحدة صغيرة هي الصك المصدق.
يتقاضى الرافدين 13 إلف دينار مقابل إصداره الصك المصدق، وهو مبلغ لا أظن أن الخدمات المصرفية في أرجاء العالم المتحضر وغير المتحضر تتقاضى مثله، فمن المعمول به في أرجاء العالم أن لا تزيد رسوم الخدمات المصرفية الورقية على 10 بالمئة كحد أقصى من قيمة المبالغ الموثقة، لكن العراقيين كل من يقعوا تحت يديه يجلدهم، ومصرف الرافدين ليس استثناء، لا في رسومه مقابل خدماته الورقية، ولا في قروضه لـ “مساعدة” المواطنين، التي تصبح عبئاً حقيقياً بعد حين على كاهل المواطن المقترض، فهي تكاد تضاعف المبلغ الذي استدانه وأحيانا اكثر.
ومثل هذا هو حال المواطن العراقي للتمتع بالخدمات الهاتفية، فبعد أن تم تعطيل الشبكة الأرضية تماماً بعد الاحتلال، لتكون الخدمات الهاتفية الرئيسة هي عبر شركات الاتصالات، فأنها تتقاضى أعلى رسوم مقابل خدماتها الهاتفية وبقية الاتصالات مقارنة بكل دول العالم، وهذا يشمل خدمة الانترنت التي باتت من ضرورات الدراسة والثقافة والبحث العلمي.
فرسوم مصرف الرافدين،وشركات الاتصالات الجائرتين هي عينة بسيطة من أعباء المواطن، وهي عامل من عوامل التضخم، بالأخص عندما نلحظ أن كل خدمات الدولة تقدم بأسعار ورسوم تتخطى كل المعايير السائدة في العالم.
ترى هل من التفاتة ضمن النهج البناء المرتقب للحكومة الجديدة في مراجعة تعظيم موارد الدولة من جيب المواطن، فيما موارد الدولة ينهبها لصوص محترفون في جرائم منظمة، وفيما تظل شركات الاتصالات تحلب العراقيين، وتمتنع في الوقت نفسه عن تسديد ما بذمتها من مستحقات للدولة؟!