لا توجد في عراق اليوم لغة سياسية واحدة، ليست هذه حالة معيبة، فالتنوع اللغوي ينتج تنوعه في اللغة السياسية، لكن المعيب هو ان تكون اللغة السياسية جوفاء ان جرت مقارنتها بما قدمه المتكلم بها وهو يُقصّر في تحقيق المطلوب مع امتلاكه لقرار الصناعة، صناعة المطلوب و كلٌ من موقعه. نحن جيل انساني و سياسي و حزبي كردي يتقن اللغة العربية، و بسبب ان من هم من غير الكرد ضمن القوميات التي تمثل انظمة تبسط نفوذها على ثلاث من اربع اجزاء كردستان لا يتكلمون لغتنا، كان لزاما علينا ان نصل لهم بلغتهم اعلانا و دعوات و حوار و نضال و حتى كفاح و قتالا، هكذا اختاروا هم و هكذا تعاملنا نحن، اختاروا احيانا كثيرة ان يقتحموا لغتنا لدفع اسلوب تفكيرهم داخلها، فيكون الصوت للكلمة كرديا و المضمون منقول جاهز مترجم يتراكم ليقدم فردا و جماعة و جيلا يقول نفس المضامين بأكثر من لغة. هذا الاسلوب الذي دخل الى لغة التخاطب اليومية كان غزوا ثقافيا ناعما، هو في الظاهر خدمة لكنه و على بعيد الاجل اغتيال للتنوع الثقافي و قرار بالافضلية لقومية على اخرى، و ليس سرا ان اجيالا بأكملها عايشت و لم تزل تتعرض لهذه الحملة التي ربما لم يلحظ خطورتها كثيرون. ثمة فرق كبير بين ان نتحاور وإن بلغة واحدة لكن بعقلية مستقلة نقية، و بين ان نتكلم وبيننا مترجم لكننا من نفس العقلية العقائدية، ناهيك عن بقية تجميعات الثقافة. ما جعلتني اكتب هو احساسي الذي تصدقه التجارب و المحصلات من ان اللغة السياسية في جزئها الحالي من العملية السياسية في طور تداول بين اجيال صناعها، فالحياة تمضي و من سننها الجديد و التجديد، وهذا الجديد و هؤلاء الجدد من صناع القرار سيكون عليهم التفاهم تحت سقف مصالح، منها اطراف تبحث عن مصالح شعبها ومنهم من قد يتخذ من مصالح الوطن لافتة لمغانمه، وذاك امر سيكون على عاتق ذكاء و قوة الطرف الاصيل ان ينحل من معادلة مداخلاتها خطأ ومخرجاتها كارثية، اما الامر الاهم فهو ايلاء التعليم و الثقافة اهتماما خاصا تمويلا و استقلالا و توجها، اذ انه لمن الخطورة بمكان ان تنحرف بعض العقول ايا كان انتماؤها متأثرة بغزو مضامين التفكير التي لا تلتفت للشعب، أمنا و سلامة و كرامة عيش و برامج تنمية و إنماء سواء في المدينة او ما تبقى من مدينة و في الريف او ما بقي منه، و ترى ان العسكرة و ما يلفها هي الاصل و الباقي زوائد لا تُعد و لا تُفتقد!.اسلوب التفكير هذا و الذي دفعت باهض فواتيره اجيال دما و سجنا و فقرا و تجهيلا، لازال هذا الاسلوب متصلا وتنتجه هويات حزبية قصدا او بلادة، و ايا كان قصدها فنحن لسنا ملزمين بحضانة هذا المرض او الاصابة به لقلة مناعة يعمل على بثها فينا اصحاب اللغة السياسية الخاوية، فقد مل اغلب الناس تصريحات و بيانات من لا تجمعهم و واقع شعوبهم جامعة.هذه الفطنة لهذا الامر هو درس اخذناه في منهج مصطفى البارزاني الذي نادى باكرا بالوطنية الرصينة و باللغة مضمونا و فكرا تدفع لتشكيل الجملة التي تصف الوقائع و تنطلق بواقعية لتعادل المتحقق من الانجاز، لغتنا كرديتها وعربيتها و فارسيتها و تركيتها و باقي اللغات التي نستعين بها في قضيتنا ابدا لم تك جوفاء و لن تكون لانها تنطلق من فكر حيوي عميق و ممتد هو فكر البارزاني الذي لم ينل منه وهن و لا اصابته عدوى.
ولذا ايضا فمواطنتنا سليمة ايضا.