عند زيارة المسؤول الأول في الدولة الى أي مكان، ويشخص بنفسه الخلل الذي هو نوع من الفضائح وليس خللاً عارضاً، ينبغي ان تعود المحاسبة بعد تحديد المقصرين على سلسلة كاملة من المسؤولين بدءا من الوزير المختص ثمّ مَن يليه في المسؤولية، وليس الحلقة المُشخّصة بالخلل وحدها، لأنها جزء من منظومة عمل وغير منفصلة في جزيرة مستقلة. وهذا ينسحب على عمل المحافظين الذي يعيشون حالة من الاطمئنان كون انّ رئيس الحكومة ليست له صلاحية اقالتهم أو تغييرهم او معاقبتهم، لأنَّ المسؤولية منوطة بمجلس المحافظة، وقد رأينا رئيس الحكومة الأسبق كيف زار الموصل في يوم وقوع كارثة غرق العبارة في نهر دجلة وموت أكثر من مائتين من الأهالي، من دون ان يكون له اية صلاحية في محاسبة المحافظ الذي تداعى لاحقاً لأسباب أخرى تتصل بشكاوى فساد مختلفة. وهنا لابدّ من مواجهة أعضاء مجلس المحافظة المكلفين محاسبة المحافظ المنبثق من بين صفوفهم، في حين انّ أحدا منهم لم يحرّك ساكناً في متابعة عمله. وهذا يشمل عمل جميع مجالس المحافظات في البلد.
في النهاية لابدّ من إعادة الاعتبار للجان التحقيقية التي تُكلف ملاحقة المخالفات الإدارية والخدمية وهي على صلة بحياة الناس ومشكلاتهم ومعاشهم، وهم ينتظرون تحسين الأداء الحكومي عبر المحاسبة والمتابعة والعقوبة الإدارية الفعالة ايضاً.
هناك حلقات خطيرة في الوزارات اسمها وكيل الوزير، وهم أكثر من واحد لكل حقيبة وزارية، ومستمرون في مواقعهم بغض النظر عن تغيير الحكومات سائرين على نسق لا يلتقي مع رؤية الوزير الجديد اذا أراد التغيير والتحديث برغم ندرة الوزراء المجددين الذين يفهمون اختصاصات وزاراتهم.، وتلك مشكلة عويصة أخرى من افرازات الترشيح عبر الباب المختوم من رئيس الكتلة او الحزب الداخل في لعبة التشكيل الوزاري عقب كل انتخابات.
معظم الوزراء عتلة سهلة التحريك من وكيلي الوزارات الذين يعرفون خبايا الوزارة كونهم مستوطنين فيها لا يشملهم أي تغيير مهما اختلفت عليهم الحكومات. من هنا تبدأ سلسلة الفساد والتقصير والكلاوات الإدارية التي تجعل الوزير طائفاً على جوب نصف مزروف حتى يقضي أقرب الأجلين، إما اقالة بسبب التضارب السياسي في البرلمان، مقر صناعة المكائد والضغائن، أو عند نهاية الولاية بشكل طبيعي.
لكن الأمر الأخطر هو أن يكون الوزير معاداً تنصيبه في نفس الحقيبة، مرة أخرى، مجتراً نفس الإرث التعيس من الأخطاء المتراكمة، ولا يخفى على العراقيين النظرات المتبادلة بين رئيس الحكومة ووزير الصحة « المعاد» في خلال زيارة مستشفى الكاظمية