حتى الساعة ، ليس هناك بيان استفتائي عاجل تناول مسيرة حكومة السيد محمد شياع السوداني ، ولكن هناك مؤشرات تعاطف من الرأي العام العراقي معها للخطوات التي اتخذتها ، والاسبق ، مؤشرات تتعلق بشخصية السوداني نفسه ، عن نزاهة الرجل ، وترفعه عن الاستقطاب النفعي ، وغضبه المؤدب ، ومواظبة الحالية على التصدي لملفات اقل ما يقال عنها ، انها تحمل خلاصات لكوارث حلّت بالعراق على مستويات عدة .
لقد ضربت هذه الكوارث مكونات قدرة الدولة العراقية ، وشلّت الى حد بعيد مفاصل حيوية في الجوانب الاخلاقية والمعرفية العامة ، والخدمات ، والاقتصاد ، وصنعت مهارات للاستحواذ غير المشروع ، وأخلّت بأمن البلاد والعباد ، وشطبت الى حدٍ بعيدٍ على فرصة البناء المدني الشفاف ذي الروح التنموية المستدامة العادلة .
بخلاصة تحليلية مضافة ، وفي ضوء تلك المؤشرات ، هناك ضاغط ذاتي تخطيطي اجرائي على السوداني لتوظيف الامل مجدداً في مفاصل الدولة العراقية .
الحال انها فرصة والا سيبقى العراق دولة حافة بين الحياة وإرهاب السقوط في القعر ، ولكم ان تتصوروا البعد النفسي الملتهب في حالة من هذا النوع ، أن تبقى الدولة بين الحياة والموت وتحت وطأة احتمالات التهديد المزمن بالنهاية .
وفق قراءتي ايضاً ، لدي مخاوف جدية ان تتسابق الفرص على منصة الحكومة وتخضع البلاد الى مغالبة بين الملفات وتضيع الاسبقية المركزية المتمثلة في التصدي للفساد الذي هو بيت الداء ، قد يحصل ذلك لحساب سياسات ارضائية تنعش ، لكنه الانعاش التسكيني الوقتي ثم تستعيد الكوارث عافيتها المعروفة السائدة .
مفاصل الحكومة
من مخاوفي أيضاً ،ان تتسلل الى مفاصل الحكومة ، بل وحتى الى مكتب السوداني نفسه عناصر متمرسة بالفساد من حاشيات الحكومات السابقة بعد ان تكون قد اعادت تسويق نفسها .
إن من أخطر معطلات عمل السوداني تسلل عناصر للفساد ليست مدرجة ضمن القائمة ( المشهورة ) حاليا وتستمكن كخلايا سرطانية لتعيد تشكيل مشهد الفساد بأسبقيات جديدة ، وعندها يسقط السوداني في المحظور مع ملاحظة جوهرية ان هناك من لا يريد لرئيس الوزراء ان ينجح في مهمته الانقاذية حتى من بين مؤيدين لمجيئه على رأس الحكومة ، لذلك على السوداني ان لا يتقاعس عن الفحص على مدار الساعة اقتداءً بالبحار ابن ماجد التي تقول الرواية المدونة عنه ، انه كان يفحص موجوداته على مدار الساعة لألتقاط ضعف وأخطاء حاشيته المبحرة معه قبل استفحال الإهمال ، وان المستكشفين الأوروبيين تعلموا هذا المنهج منه .
كان ابن ماجد مصاب بما يعرف بمتلازمة القلق ان تكون تلك الحاشية في موقع الغيرة منه ، أو الاستكانة لهدوء البحر ولهذا كان يبقيهم ضمن منصة الاختبار المتواصل على مدار الساعة وهكذا تمّ له احتواء الطوارئ .
الأمر يتطلب من السوداني ان يصاب بمتلازمة ابن ماجد ، فهذا (القلق) المشروع ضرورة لوجستية من شأنها ان تضع السوداني على طريق الفطنة المتقدة التي تتطلبها الامور خصوصا وان المطبات العراقية الحالية متسعة ، واصحابها يعتمدون المحاينة ،والمخاتلة ، والاحتيال ، والاستهمال ،واستسهال التوسع الافقي على حساب قيم النوعية ، والاستخفاف بالقوانين النافذة، لقد قلت في استنتاج تحليلي سابق لي ، ان الشياطين يستيقظون مبكراً ، وأرى ان على السوداني ان يظل في صميم اليقظة قبلهم ، والله في عونه.