تقول لي الحكاية التي
دسّتها عجوز عاقر داخل علبة نوتيلّا فارغة
لأجل أحفادها الّذين كانوا أوفر حظّا منها
فلم يأتوا ليمارسوا تساؤلاتها
عن ماهيّة الحياة،
عن حقيقة الموت
وعن الأسباب الخفيّة التي تجعل دجاجاتها تتوقّف عن انتاج البيض:
“لا تأخذ يدكَ معكَ؛
ستخونك،
حين تنتصب من فرط القصيدة،
مع صراخك الحاد
ولن تحشُر أصابعها في حلقك
لتتمكّن – أنتَ – من استِفْرَاغِكَ من جوف صمتك !”
وأنا.. أحبّ الحكايات و النّوم
وكنت أسرق البيض من تحت دجاجات جدّتي؛
جدّتي
التي ماتت قبل أن تفهم
لِمَ تتوقّف دجاجاتها عن انتاج البيض، في العطل المدرسيّة؟!
جدّتي
التي كانت تكره الحكايات و النّوم
كانت تظنّ الحياة طريقها الوحيد نحو الموت
وتعتقد أنّ الموت لغة أخرى
لسرد الحكاية
و لتعلّم الطّيران…
تقول لي الحكاية:
“ارفعْ وجهَكَ في وجهِ وجهِكَ
لتَعْرِفَكَ
حين تخونك المرايا
ويذهب البحر للبحث
عن شاطئ
أقلّ حزنا من صدرِكَ
وبصخور أقلّ حدّة من انكساراتكَ!”
وأنا الذي كنت أحبّ النّوم
وأحبّ الحكايات عن سمرقند،
عن قصور هارون الرّشيد
وعن حكايات نساء،
لا أحد يعرف أسماءهنّ،
لنساء دون ملامح
عن أخبار مخادعهنَّ و خُدعهنّ
وعمّا يخفيه الرّجال من بكاء…
البارحة، كنتُ سأطير !
لكنّ البطّانيّة كانت ثقيلة جدّا
فعَجَزَتْ أجنحة حلمي الصّغير عن رفعنا!
لو أنّي طِرْت.. لكنت استيقظت،
اليوم،
و أنا أُجيدُ التّكلّم بلغة جديدة لا فخاخ فيها؛
لغة أكثر وضوحا من الشّعر
وأبجديّتها أقلّ تعقيدا من المشي بساق واحدة !
*
قطّ أسود فَقَدَ ثلاثة أرواح من أرواحه
يقفز عبر النّافذة
فيرتطم بعلبة النّوتيلّا التي كانت،
قبل الحكاية،
فارغة…
كان يبحث عن مخبإ لما تبقّى من أرواحه السّبعة
علّه ينجو من قدسيّة الموت
فيصير بشرا!
بعد الارتطام،
تسقط علبة النّوتيلّا من فوق غفوة العجوز العاقر؛
العجوز التي صارت تتكلّم لغة لا تشبه لغات البشر
ولا تشبه مواء القطط !
ترتطم علبة النّوتيلّا بالأرض
فتنفلت الحكاية،
من بين الشّظايا،
كمارد في خرافة !
تقول لي البقايا الدّبقة من الحكاية
التي بقيت عالقة في تشظّي علبة النّوتيلّا:
“أنتَ وحدَكَ آخر محطّة لكَ
فانزل.. حين تصلُ إليكَ/ إلى منتهاكَ
وصافح يدك التي خانتك حين أخذتها معكَ
أو عَانِقْكَ
كما تتعانق سيّارتان،
وجها لوجه،
في حادث مروّع
ربّما
تَشِمُّكَ فيك.. فتعرفُكَ
لتكونَ مَعَكَ
فتنسى وِحدتَكَ التي لم تكلّمكَ منذُ أن صلبوا رأسك،
صورة بالأسود والأبيض،
على جدار الصّالون…”
وأنا.. صرتُ أكره الحكايات و النّوم
مذ صارت الحكاية المنفلتة تراود أحلامي
فتنذرني
أنّي سأجيد التكلّم بلغة لا تشبه، في شيء، المواء
ولا تشبه الشّعر…

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *