.. تنهض الدول عادة بالتزام النظام وأحترام القانون وتطبيق ذلك بشكل دقيق على ارض الواقع
وهذا الهدف لايمكن الوصول اليه بين ليلة وضحاها حيث تقوم بعض هذه الدول باتباع سياسات وخطط عملية مختلفة ودقيقة لتطوير قابليات كوادرها الوظيفية المختصة ..
ومن هذه السياسات والخطط هي الايفادات الرسمية لموظفي الدولة المختصين وأعضاء الاتحادات والنقابات والمنظمات المختلفة ..
حيث وجدت قوانين وتعليمات وانظمه تحكم هذه الايفادات وتبين الغاية والاسباب الموجبة منها بحيث لايمكن تجاوزها بأي شكل من الاشكال وخلاف ذلك أشعار الجهات الرقابية في الدولة
بمخالفة هذه القوانين والتعليمات واتخاذ مايلزم بشأنها
واذا ماعلمنا ان هذه الايفادات بعضها رسمية وبعضها أعتيادية
فهي لاتختلف عن بعضها من حيث المضمون حيث انها تحمل الدولة تبعات مالية تصرف للموفدين فيها من خزينة الدولة تمثل النقل والمأكل والسكن ومصرف خاص ( باكت مني ) وغيرها والغاية منها هي تطوير القابليات والاحتكاك وجلب الخبرات من الدول المتطورة في هذا المجال أو ذاك ..
ودولة مثل العراق عمرها الرسمي تجاوز المائة عام وتوالت عليها أنظمة سياسية مختلفة ملكية وجمهورية رئاسية وبرلمانية فيها الصالح والطالح وفيها مؤسسات حكومية رصينة وقوانين وتعليمات نافذة لابد للموفدين فيها ان يكونوا بمستوى المسؤولية واكثر حرصا على سمعة العراق أرضا وشعبا وسيادة ..
.. حيث يكون العمل الرسمي المكلف به الموفد هو الهدف الاول من هذه الايفادات والغاية الامثل التي تسعى اليها مؤسسات الدولة والجهات شبه الرسمية الاخرى فيها
وان يكون ذلك وفقا للنظم البروتوكولية التي يعمل بها مابين الدول بل وأن يسعى الموفد العراقي الى نقل صورة ايجابية عن تأريخ العراق ماضيا وحاضرا ومستقبلا ..
ولكن للاسف الشديد نرى أن أغلب الوفود العراقية تقدم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة وتجعل من الايفاد نزهة وسياحة وتسكع في شوارع الدول الاخرى وبالتالي تؤثر تأثيرا سلبيا على سمعة البلد وسيادته مما ينعكس بالسلب على علاقات العراق الخارجية مع هذه الدول ..
وقد ذاع صيت قصص كثيرة في هذا المجال لايمكن حصرها وعلى مستويات عالية في الرئاسات الثلاثة و الوزارات والهيئات المستقلة والجهات غير المرتبطة بوزارة في الحكومات السابقة وحتى النقابات والاتحادات والمنظمات غير الحكومية ..
فما بالكم بوزير يدعي الوطنية والشعور بالمسؤولية ومحاربة الفساد والوعي والثقافة يوفد مع وفد رسمي رئاسي كبير لحظور أجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة المهمة في أمريكا على نفقة الدولة فيخالف مسؤوليته ومهمته الرسمية له من الايفاد ليترك الوفد الرسمي ويذهب من هناك لزيارة عائلته الأمريكية الجنسية دون أن يحضر أجتماع أو لقاء واحد طيلة فترة الايفاد الرسمية والادهى من ذلك أن يكون هذا الوزير بعلم رئيس الوفد الرئاسي ومعرفته فأين الشعور بالمسؤولية ياترى ..؟
وأين ذهبت شعارات الوطنية والاخلاص للوطن ..
رحم الله الشاعر الرصافي عند قوله ..
( لايغرنك هتاف القوم في الوطن
فالقوم في السر غير القوم العلن )
وينطبق ذات الامر مع رئيس أحدى الهيئات الحكومية ( بالوكالة ) الذي لا يمر شهر إلا ويكون موفدا لأحدى الدول العربية او الاجنبية مرة أو مرتين بمعية مجموعة من الموظفين المقربون منه على الدوام في هذه الايفادات على حساب الاخرين من أصحاب الاختصاص حتى وأن كان مضمون الايفاد وجوهرة يتعلق بغير اختصاصهم ..
وكذلك الامر مع نقيب أحدى النقابات والاتحادات المهنية الذي تجده رحالا لايعرف الاستقرار ابدا في أي مؤتمر أو تجمع أو مهرجان أو مسابقة تقام هنا أو هناك في هذه المعمورة وعلى نفقة هذه النقابة او الاتحاد التي عادة مايكون مصدرها أشتراكات أعضاء هذه الجهات والتي يعاني اعضائها الامرين في حياتهم المهنية والاجتماعية دون باب من ابواب المساعدة والعون من هذه الجهات ..
وأشك ان مسؤولي هذه الجهات الحكومية او غيرها لايعلمون الغاية والهدف من هذه الايفادات بل ولايشعرون بحرمة هذه التصرفات الغير مسؤولة امام الشرع والقانون ولاننسى هنا أن نستذكر ( فتوى المرجعية الدينية العليا ) التي حرمت الايفاد الذي لايحقق المصلحة العامة ولايهدف الى خدمة مؤسسات الدولة ولايقدم علما او معلومة الى منتسبي المؤسسات الحكومية
أوالجهات الأخرى فيها ..
.. بقي أن نعرف أن الشعور بالمسؤولية ليس شعار يقال او يكتب هنا او هناك في وسائل الاعلام المختلفة بل هو عمل وتفاني واخلاص قابل لأن يكون مشروعا وطنيا في قطاعات الدولة العديدة وبالتالي انتقال هذا المشروع الى منجز يخدم العراق وأهله ..
وننوه ايضا الى أشعار الجهات ذات العلاقة والاختصاص ان تأخذ دورها في متابعة هذا الملف الحيوي والذي يحمل المال العام تبعات لاحدود لها ولغايات واسباب غير مشروعة ولاتأتي بثمار للوطن والمواطن ..
والله ولي التوفيق ..